وَجاءَ في «المُدوَّنةِ الكُبرَى»: ما جاءَ في الوَكالةِ في السَّلَمِ وغيرِه:
قُلتُ: أرَأيتَ إنْ قُلتُ لِرَجُلٍ: خُذْ لي دَراهِمَ سَلَمًا في طَعامٍ إلى أجَلٍ ففَعلَ الرَّجلُ، فأخَذَ لي دَراهِمَ في طَعامٍ إلى أجَلٍ، وإنَّما أخَذَ ذلك لي، أيَلزَمُني السَّلَمُ أم لا في قَولِ مالِكٍ؟ قالَ: ذلك لَازِمٌ لِلآمِرِ عندَ مالِكٍ.
قالَ: وقالَ لي مالِكٌ: وإنِ اشترَطَ المُشتَرِي على المأْمورِ أنَّه إنْ لَم يَرضَ فُلانًا، وقَد سَمَّاه له، الذي أمَرَه، فأنتَ لِبَيْعي ضامِنٌ، حتى تُوفينيه إلى الأجَلِ، قالَ: ذلك جائِزٌ، ولا بَأْسَ به. قالَ مالِكٌ: وإنَّما مَثَلُ ذلك مَثَلُ رَجُلٍ يَقولُ لِرَجُلٍ: ابتَعْ لي غُلامًا أو دَابَّةً بالسُّوقِ، أو ثَوبًا، فيَأْتي المَأمورُ إلى مَنْ يَشترِي مِنه، فيَقولُ له: إنْ فُلانًا أرسَلَني أشتَرِي له ثَوبًا، فبِيعوه، فقَد عَرَفتُموه، فيَقولونَ: نحنُ نَبيعُهُ؛ فإنْ أقَرَّ لَنا بالثَّمَنِ فأنتَ بَرِيءٌ، وإلَّا فالثَّمَنُ عَلَيكَ، تُوفيناه نَقدًا أو إلى أجَلٍ؛ فهذا لا بَأْسَ به.
قُلتُ: أرَأيتَ إنْ أمَرَتُ رَجُلًا يَشترِي لي جاريةً، أو أمَرَتُه أنْ يَشتَريَ لي ثَوبًا، ولَم أُسَمِّ له جِنسَ الثَّوبِ، ولَم أُسَمِّ له جِنسَ الجارِيةِ، فاشترَى لي ثَوبًا أو اشترَى لي جارِيةً، أيَلزَمُ ذلك الآمِرَ. قالَ: إنِ اشترَى له جاريةً يَعلَمُ أنَّ مثلَها مِنْ خَدَمِ الآمِرِ، أو ممَّا يَصلُحُ أنْ يَكونَ مِنْ جَواري الآمِرِ، جازَ ذلك على الآمِرِ، قالَ: وإنَّما يُنظَرُ في هذا إلى ناحيةِ الآمِرِ، فإنِ اشترَى له ثَوبًا ممَّا يَعلَمُ أنَّ ذلك ممَّا يَجوزُ على الآمِرِ لَزِمَ ذلك الآمِرَ، وإنِ اشترَى له جاريةً يَعلَمُ أنَّ مثلَها مِنْ خَدَمِ الآمِرِ، أو ممَّا يَصلُحُ أنْ يَكونَ مِنْ جَواري الآمِرِ، جازَ ذلك على الآمِرِ، وإنِ اشترَى له ما ليسَ يُشبِهُ أنْ يَكونَ مِنْ ثيابِ الآمِرِ،