للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَيواناتِ، فلذا لم يَقبَلِ التَّطهُّرَ، وقالَ أبو يُوسفَ بطَهارةِ الخِنزيرِ (١).

وذهَبَ الإمامُ الشافِعيُّ إلى أنَّه يُطهَّرُ بالدِّباغِ كلُّ جُلودِ المَيتةِ ما عَدا الكَلبَ والخِنزيرَ، وما تولَّدَ من أحدِهما، وهي رِوايةٌ عن الإمامِ أحمدَ؛ فإنَّه قالَ: يُطهَّرُ منها ما كانَ طاهِرًا حالَ الحَياةِ.

وذهَبَ الإمامُ أحمدُ في المَشهورِ عنه، وهي إحدَى الرِوايَتينِ للإمامِ مالِكٍ إلى أنَّه لا يُطهَّرُ بالدِّباغِ شَيءٌ من جُلودِ المَيتةِ.

وقالَ الإمامُ مالِكٌ في الرِّوايةِ الأُخرى: يُطهَّرُ جَميعُ الجُلودِ حتى الكَلبُ والخِنزيرُ، إلا أنَّه قالَ: يُطهَّرُ ظاهِرُه دونَ باطِنِه فيُستعمَلُ في اليابِسِ بأنْ يُجعلَ جِرابًا للحُبوبِ دونَ الرَّطبِ، أي: دونَ الماءِ والسَّمنِ، وهي رِوايةٌ عن أحمدَ (٢).

واحتُجَّ لمَن قالَ بالمَنعِ بأنَّه -أي: الجِلدَ- جُزءٌ من المَيتةِ، وقد حرَّمَها اللهُ بقَولِه تَعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٤٣] فلم يُطهَّرْ بالدَّبغِ كاللَّحمِ، ولأنَّه حُرمَ بالمِوتِ، فكانَ نَجسًا كما قبلَ الدَّبغِ.


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٨٥)، و «البحر الرائق» (١/ ١١٠)، و «رد المحتار» (١/ ١٣٦).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١/ ٨٩)، و «الكافي» لابن عبد البر (١/ ١٩، ١٨٩)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٣٨٧)، و «المجموع» (٢/ ٢٠٢، ٢٠٨)، و «شرح صحيح مسلم» (٤/ ٤٨، ٤٩)، و «المغني» (١/ ٨٩، ٩١)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ٥٥، ٥٦)، و «مجموع الفتاوى» (٢١/ ٩١، ٩٦)، و «الإفصاح» لابن هبيرة (١/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>