وذهَب الشَّافِعيَّةُ في الأصَحِّ إلى أنَّه لا يَصحُّ تَعليقُها على شَرطٍ؛ لأنَّه عَقدٌ تُؤَثِّرُ الجَهالةُ في إبطالِه، فلَمْ يَصحَّ تَعليقُه على شَرطٍ، كالبَيعِ والإجارةِ.
وَيُخالِفُ الوَصيَّةَ؛ فإنَّها لا يُؤثِّرُ فيها غَرَرُ الجَهالةِ، فلا يُؤثِّرُ فيها غَرَرُ الشَّرطِ، أمَّا الوَكالةُ فتُؤثِّرُ الجَهالةُ في إبطالِها، فيُؤثِّرُ غَرَرُ الشَّرطِ.
إلَّا أنَّه إنْ علَّقها على شَرطٍ مُستَقبَلٍ، ووُجِدَ الشَّرطُ وتَصرَّفَ الوَكيلُ، صَحَّ التَصرُّفُ، على الأصَحِّ في المَذهبِ؛ لأنَّ الإذْنَ قائِمٌ مَع فَسادِ العَقدِ، ويَكونُ تَصرُّفُه بإذْنٍ، فصَحَّ، كما لو شرَط في الوَكالةِ عِوَضًا مَجهولًا، فقالَ: بِعْ كذا على أنَّ لكَ العُشْرَ مِنْ ثَمَنِه، تَفسُدُ الوَكالةُ، لكنْ لو باعَ صَحَّ؛ فإنْ كانَ قَدْ سمَّى له جُعلًا سقَط المُسمَّى، ووجَب له أُجرةُ المِثلِ؛ لأنَّه عمِل في عَقدٍ فاسِدٍ لَم يَرضَ فيه بغيرِ بَدَلٍ، فوجَب أُجرةُ المِثلِ، كالعَملِ في الإجارةِ الفاسِدةِ، كما أنَّ الشَّرطَ الفاسِدَ في النِّكاحِ الفاسِدِ يُفسِدُ الصَّداقَ، ويُوجِبُ مَهرَ المِثلِ، ولا يُؤثِّرُ في صِحَّةِ النِّكاحِ.
وفي مُقابِلِ الأصَحِّ: لا يَصحُّ التَّصرُّفُ؛ لِفَسادِ العَقدِ، ولا اعتِبارَ لِلإذْنِ الذي يَتضَمَّنُه العَقدُ الفاسِدُ، ألَا تَرَى أنَّه لو باعَ بَيعًا فاسِدًا وسلَّمَ المَبيعَ لا يَجوزُ لِلمُشتَرِي التَصرُّفُ فيه، وإنْ تَضمَّن البَيعُ والتَّسليمُ الإذْنَ في التَّصرُّفِ والتَّسليطَ عليه (١).
(١) «الحاوي الكبير» (٦/ ٥٠٠)، و «المهذب» (١/ ٣٥٠)، و «نهاية المطلب» (٧/ ٣٦)، و «البيان» (٦/ ٤١٠، ٤١١)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٢٢١، ٢٢٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٤٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٠٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٠)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٥٢)، و «الديباج» (٢/ ٣١٠).