للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمَوتُ في هذا، والفَلَسُ واحِدٌ، ووَرثةُ الأجيرِ ههُنا بمَنزِلتِه إذا كانوا أُمَناءَ، مثلَ القِراضِ. قالَه أصبَغُ كلَّه، على الِاتِّباعِ والِاستِحسانِ، وفي بعضِها بعضُ المَغمَزِ والِانكِسارِ على القِياسِ والكَلامِ.

قالَ مُحمَّدُ بنُ رُشدٍ: تَفرِقَتُه في مَوتِ المَجعولِ له بينَ أنْ يَموتَ قبلَ أنْ يَقتَضيَ شَيئًا، يُريدُ قبلَ أنْ يَعمَلَ في الِاقتِضاءِ، وبينَ أنْ يَموتَ، وقَد عمِل في الِاقتِضاءِ، يُريدُ: وإنْ لَم يَقتَضِ شَيئًا بعدَ، وتَنظيرُه إيَّاه بالقِراضِ صَحيحٌ على القَولِ بأنَّ الجاعِلَ يَلزَمُه الجُعلُ بالعَقدِ، وإنْ لَم يَشرَعِ المَجعولُ له في العَملِ؛ فيَكونُ لِوَرثةِ المَجعولِ له إنْ كانوا أُمَناءَ، أو أتَوْا بأمينٍ؛ أنْ يَقوموا مَقامَ مُورِّثِهم.

وأمَّا قولُه: إنَّه إنْ ماتَ رَبُّ المالِ الجاعِلُ، لَم يَكُنْ لِلَّذي جُعِلَ له استِتمامُ ما بَقيَ، ولا لِوَرثَتِه إنْ هو ماتَ، فالمعنَى في ذلك عِنْدِي إذا كانَ قَدِ اقتَضَى بَعضًا، وبَقيَ بَعضٌ؛ لأنَّ ما اقتَضَى قَدْ وجَب له فيه جُزؤُه، فلَمْ يَخسَرْ عَناءَه جُملةً. وهذا المَوضِعُ هو الذي قالَ فيه أصبَغُ: إنَّه استِحسانٌ، وإنَّ فيه مَغمَزًا وانكِسارًا على وَجْهِ القِياسِ. وهو كما قالَ؛ لأنَّه إذا اقتَضَى بَعضًا، فقَد لَزِمَ الجاعِلَ الجُعلُ، وإذا لَزِمَه لَم يَسقُطْ عنه بمَوتِه، ولَزِمَ وَرثَتَه مِنْ ذلك ما لَزِمَه في وَجْهِ النَّظرِ والقِياسِ على الأصْلِ.

وأمَّا لو ماتَ الجاعِلُ بعدَ أنْ عمِل المَجعولُ له في الطَّلَبِ والشُّخوصِ والقِيامِ، وقبلَ أنْ يَقتَضيَ شَيئًا، لَمَا صَحَّ أنْ يَبطُلَ حَقُّه في ذلك بمَوتِ الجاعِلِ، فيَذهَبَ عَناؤُه باطِلًا، ولوجَب أنْ يَكونَ له ولِوَرثَتِه إنْ ماتَ القِيامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>