للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشَرطِه، فإنْ رَضيَ بالبَقاءِ عليه لَم يَملِكِ الأجيرُ الفَسْخَ؛ لأنَّ الإخلالَ بالشَّرطِ مِنه، فلا يَكونُ ذلك وَسيلةً إلى الفَسخِ، فإنِ اختارَ إمضاءَ العَقدِ طالَبَه بالعَملِ لا غيرُ؛ كالمُسلِمِ إذا صَبَرَ عندَ تَعَذُّرِ المُسلَّمِ فيه إلى حِينِ وُجودِهِ؛ لَم يَكُنْ له أكثَرُ مِنْ المُسلَّمِ فيه، وإنْ فُسِخَ العَقدُ قبلَ العَملِ؛ سقَط الأجْرُ والعَملُ، وإنْ كانَ بعدَ عَملِ بعضِهِ؛ فله أجْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ العَقدَ قَدِ انفسَخ، فسقَط المُسمَّى، ورجَع إلى أجْرِ المِثْلِ.

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ قيلَ: الصَّحيحُ مِنْ المَذهبِ أنَّ مثلَ هذا لا يَجوزُ في الإجارةِ، فكَيفَ أجَزْتُموه في الجَعالةِ؟ قُلْنا: الفَرقُ بينَهما مِنْ وُجوهٍ:

أحَدُها: أنَّ الجَعالةَ يُحتمَلُ فيها الغَرَرُ، وتَجوزُ جَهالةُ العَملِ والمُدَّةِ، بخِلافِ الإجارةِ.

الثَّاني: أنَّ الجَعالةَ عَقدٌ جائِزٌ، فلا يَلزَمُه بالدُّخولِ فيها مَع الغَرَرِ ضَرَرٌ، بخِلافِ الإجارةِ؛ فإنَّها عَقدٌ لَازِمٌ؛ فإذا دخَل فيها مَع الغَرَرِ لَزِمَه ذلك.

الثَّالثُ: أنَّ الإجارةَ إذا قُدِّرَتْ بمُدَّةٍ لَزِمَه العَملُ في جَميعِها، ولا يَلزَمُه العَملُ بعدَها؛ فإذا جَمَع بينَ تَقديرِ المُدَّةِ والعَملِ، فرُبَّما عمِله قبلَ المُدَّةِ، فإنْ قُلْنا: يَلزَمُه العَملُ في بَقِيَّةِ المُدَّةِ فقَد لَزِمَه مِنْ العَملِ أكثَرُ مِنْ المَعقودِ عليه، وإنْ قُلْنا: لَا يَلزَمُه فقَد خَلَا بعضُ المُدَّةِ مِنْ العَملِ، فإنِ انقَضَتِ المُدَّةُ قبلَ عَملِه فألزَمْناه إتمامَ العَملِ، فقَد لَزِمَه العَملُ في غيرِ المُدَّةِ المَعقودِ عليها، وإنْ قُلْنا: لَا يَلزَمُه العَملُ، فما أتَى بالمَعقودِ عليه مِنْ العَملِ بخِلافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>