للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلآخَرِ عَشَرةَ دَراهِمَ مثلًا على تَبليغِها النِّصفَ الآخَرَ، فإنَّ الأوَّلَ يَأخُذُ عَشَرةً؛ لأنَّه الذي يَنوبُ في فِعلِ الأوَل مِنْ إجارةِ الثَّاني؛ لأنَّ الثَّانيَ لمَّا استُؤجِرَ نِصفَ الطَّريقِ بعَشَرةٍ، عُلِمَ أنَّ قِيمةَ إجارَتِه يَومَ استُؤجِرَ عِشرونَ، ولا يُقالُ: إنَّ الأوَّلَ قَدْ رَضيَ أنْ يَحمِلَها جَميعَ الطَّريقِ بخَمسةٍ، فكانَ يَجِبُ أنْ يُعطَى نِصفَها، والمُغابَنةُ جائِزةٌ في الجُعْلِ وغيرِه؛ لأنَّا نَقولُ: لمَّا كانَ عَقدُ الجَعالةِ مُنَحَّلًا مِنْ جانِبِ المَجعولِ له بعدَ العَملِ، فلمَّا ترَكه بعدَ أنْ حمَل نِصفَ المَسافةِ، صارَ تَرْكُه له إبطالًا لِلعَقدِ مِنْ أصْلِه، وصارَ الثَّاني كاشِفًا مُبيِّنًا لِمَا يَستحقُّه الأوَّلُ، فعلى الجاعِلِ لِلأوَل نِسبةُ انتِفاعِه بالثَّاني.

وقالَ ابنُ يُونُسَ : يَنبَغي أنْ يُعطَى نِصفَ جُعلِه الأوَل، وهو في المِثَالِ المُتقدِّمِ دِرهَمانِ ونِصفُ دِرهَمٍ؛ لأنَّ المُغابَنةَ جائِزةٌ في الجُعْلِ وغيرِه، ونَحوُه لِلتُّونِسِيِّ.

وَلابنِ القاسِمِ قَولٌ: إنَّ لِلأوَل قِيمةُ عَملِه يَومَ عمِل، ولِابنِ كِنانةَ: لِلأوَل قِيمةُ عَملِه يَومَ عمِل الثَّاني، كانَتِ القِيمةُ مثلَ الجُعْلِ أو أقَلَّ أو أكثَرَ (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: الجَعالةُ إذا وَرَدَتْ على بَذْلِ المَنافِعِ في تَحصيلِ الشَّيءِ فلَها صورَتانِ:


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٠، ٤٣١)، و «المختصر الفقهي» (١٢/ ٣٩٦، ٣٩٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦١، ٦٢)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٠، ٥٤١)، و «شرح ميارة» (٢/ ١٧٩)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣١٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦١٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١٠٣، ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>