للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ شرَط لِواحِدٍ منهم جَعالةً فاسِدةً، ولِآخَرينَ جَعالةً صَحيحةً، استَحقَّ مَنْ شُرِطَ له جَعالةٌ صَحيحةٌ ثُلُثَ ما سُمِّيَ له، ويَستحقُّ مَنْ شُرِطَ له جَعالةٌ فاسِدةٌ ثُلُثَ أُجرةِ مِثلِه، اعتبارًا بالانفِرادِ (١).

وهو أيضًا مَذهبُ الحَنابِلةِ، حيثُ قالوا: وإنْ جعَل لِواحِدٍ عِوَضًا مَعلومًا، كدِينارٍ مثلًا، وجعَل لِآخَرَ عِوَضًا مَجهولًا، فرَدَّاه معًا، فلِرَبِّ المَعلومِ نِصفُه، ولِلآخَرِ أجْرُ عَملِه (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: وفي الجَعالةِ الفاسِدةِ -لِفَقدِ شَرطٍ- جُعلُ المِثْلِ، إنْ تَمَّ العَملُ؛ رَدًّا له لِصَحيحِ نَفْسِه، فإنْ لَم يَتِمَّ العَملُ فلا شَيءَ فيه، هذا هو المَشهورُ.

وقيلَ: له أُجرةُ مِثلِه؛ رَدًّا له لِصَحيحِ أصْلِه، وهو الإجارةُ، فيَأخُذُ بحِسابِ الإجارةِ، وإنَّما كانَتْ أصْلًا له لأنَّهم اشترَطوا في عاقِدِي الجُعْلِ ما اشترَطوه في عاقِدِي الإجارةِ.

إلَّا أنْ تَقَعَ الجَعالةُ بجُعلٍ مُطلَقًا، تَمَّ العَملُ أو لَم يَتِمَّ، كَأنْ يَقولَ له: إنْ أتَيتَنِي بعَبدي الآبِقِ فلكَ كذا، وإنْ لَم تَأتِ به فلكَ كذا، أو فلكَ نَفقَتُكَ؛ فله أُجرةُ مِثلِه، وإنْ لَم يَأتِ به، لِخُروجِها حينَئذٍ عن حَقيقَتِها، لأنَّ سُنَّتَها أنَّه لا جُعلَ إلَّا بتَمامِ العَملِ، وهو قَدْ جعَل له في الوَجهَيْنِ، وليسَ بحَقيقةِ الجُعلِ (٣).


(١) «البيان» (٧/ ٤٠٩، ٤١١).
(٢) «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٩).
(٣) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٣٧، ٤٣٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٦٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٤٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٢، ٦٢٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>