بتَلَفِ المُؤجِّرِ قياسًا عليه، إذا أجَّرَ نَفْسَه، ولأنَّ زَوالَ مِلْكِ المُؤجِّرِ عن رَقَبةِ المُؤاجَرةِ يُوجِبُ فَسخَ الإجارةِ قِياسًا عليه إذا باعَ ما أجَّرَه برِضَى المُستَأجِرِ، ولأنَّ مَنافِعَ الإجارةِ إنَّما تُستَوفَى بالعَقدِ والمِلْكِ، وقَد زالَ مِلكُ المُؤجِّرِ بالمَوتِ، وإنْ كانَ عاقِدًا والوارِثُ لا عَقدَ عليه، وإنْ صارَ مالِكًا صارَتْ مُنتقِلةً عن العاقِدِ إلى مَنْ لَيسَ بعاقِدٍ، فوجبَ أنْ تَبطُلَ؛ لِتَنافي اجتِماعِ العَقدِ والمِلْكِ.
وَدَليلُنا هو أنَّ ما لَزِمَ مِنْ عُقودِ المُعاوَضاتِ المَحضةِ لَم يَنفَسِخْ بمَوتِ أحَدِ المُتعاقدَيْنِ، كالبَيعِ، فإنْ قيلَ: يَنتقِضُ بمَوتِ مَنْ أجَّرَ نَفْسَه؛ لَم يَصحَّ؛ لأنَّ العَقدَ إنَّما يَبطُلُ بتَلَفِ المَعقودِ عليه، لا بمَوتِ العاقِدِ، ألَا تَراه لَو كانَ حَيًّا فمَرِضَ بَطَلَتِ الإجارةُ، وإنْ كانَ العاقِدُ حَيًّا؟ لأنَّ السَّيِّدَ قد يُعاوِضُ على بُضعِ أَمَتِه بعَقدِ النِّكاحِ، كَما يُعاوِضُ على خِدمَتِها بعَقدِ الإجارةِ، فلَمَّا لَم يكُنْ مَوتُه مُبطِلًا لِلعَقدِ على بُضعِها لَم يَبطُلْ بالعَقدِ على استِخدامِها.
وَيَتحرَّرُ مِنْ هذا الِاعتِلالِ قِياسانِ:
أحَدُهما: أنَّه عَقدٌ لَازِمٌ على مَنافِعِ مِلْكِه، فلَم يَبطُلْ بمَوتِه، كالنِّكاحِ على أَمَتِه.
والآخَرُ: أنَّه أحَدُ مَنفعَتَيِ الأَمَةِ فلَم يَبطُلْ بمَوتِ السَّيِّدِ، كالمَنفَعةِ الأُخرَى، ولأنَّ المَنافِعَ قد تَنتقِلُ بالمُعاوَضةِ، كالأعيانِ، فجازَ أنْ تَنتقِلَ بالإرثِ، كالأعيانِ، ويَتحرَّرُ مِنْ هذا الِاعتِلالِ قياسانِ:
أحَدُهما: أنَّ ما صَحَّ أنْ يَنتقِلَ بعِوَضٍ صَحَّ أنْ يَنتقِلَ إرْثًا، كالأعيانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute