للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيَّةُ: تُفسَخُ الإجارةُ بتَلَف أو تَعذُّرِ الذي يُستَوفَى منه المَنفَعةُ إذا كانَ مُعيَّنًا، كالدَّارِ والحانوتِ والحَمَّامِ والسَّفينةِ ونَحوِها، والتَعذُّرُ أعَمُّ مِنْ التَّلَفِ؛ فيَشمَلُ الضَّياعَ والمَرَضَ والغَصْبَ وغَلْقَ الحَوانيتِ قَهرًا، وغَيرَ ذلك، كَما سَيأتي.

وَإذا فُسِخَتْ رَجعَ لِلمُحاسَبةِ باعتِبارِ ما حَصَلَ مِنْ المَنفَعةِ، وما لَم يَحصُلْ، وبِاعتِبارِ المَسافةِ طُولًا وقِصَرًا، وسُهولةً وصُعوبةً.

وَلا تَنفَسِخُ بتَلَفٍ أو بتَعذُّرِ ما يُستَوفَى به المَنفَعةُ، كالسَّاكِنِ والرَّاكِبِ وما حَمَلَ.

فَكلُّ عَينٍ يُستَوفَى مِنها المَنفَعةُ فبِهَلاكِها تَنفَسِخُ الإجارةُ، كَمَوتِ الدَّابَّةِ المُعيَّنةِ -أمَّا الدَّابَّةُ غيرُ المُعيَّنةِ فلا تَنفَسِخُ الإجارةُ بمَوتِها-وانهِدامِ الدَّارِ المُعيَّنةِ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: تَنفَسِخُ الإجارةُ بفَواتِ المَنفَعةِ بالكُليَّةِ، حِسًّا، فمِن صُوَرِه مَوتُ الدَّابَّةِ، والأجيرِ المُعيَّنِ، فإنْ كانَ قبلَ القَبضِ أو عَقِبَه قبلَ مُضِيِّ مدَّةٍ لِمِثلِها أُجرةٌ انفَسخَ العَقدُ. وإنْ كانَ في خِلالِ المدَّةِ انفَسخَ العَقدُ في البَقيَّةِ، لا الماضي في الأظهَرِ؛ لأنَّه استَقرَّ بالقَبضِ.

وَمُقابِلُ الأظهَرِ: تَنفَسِخُ فيه أيضًا؛ لأنَّ العَقدَ واحِدٌ، وقَدِ انفَسخَ في جَميعِ المدَّةِ.


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٧٨)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٣١)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٠٣)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٣٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٨٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>