للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه يُؤمَرُ بالقَلعِ، ولا يُترَكُ إلى وَقتِ الحَصادِ بأجْرٍ؛ لأنَّ التَّركَ في الإجارةِ لِدَفعِ الضَّررِ عن المُستَأجِرِ نُظِرَ لَه، وهو مُستَحِقٌّ لِلنَّظَرِ؛ لأنَّه زُرِعَ بإذْنِ المالِكِ، فأمَّا الغاصِبُ فظالِمٌ مُتعَدٍّ في الزَّرعِ، فلا يَستَحقُّ النَّظَرَ بالتَّرْكِ مع ما أنَّه هو الذي أضَرَّ بنَفسِه، حَيثُ زَرَعَ أراضيَ غَيرِه بغَيرِ حَقٍّ؛ فكانَ مُضافًا إلَيهِ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: إذا انقَضَتْ مدَّةُ الإجارةِ وفي الأرضِ زَرعٌ لَم يُستَحصَدْ، ولَم يَطِبْ، لَم يكُنْ لربِّ الأرضِ قَلْعُه؛ وإنَّما له كِراءُ أرْضِه إلى تَمامِ الغَرَضِ مِنْ الزَّرعِ مِنْ يَومِ انقَضَتْ مدَّةُ كِرائِه إلى أنْ يُحصَدَ زَرْعُه.

وَهَذا بخِلافِ الشَّجرِ؛ فإذا اكتَرى أرضًا لِيَغرِسَ فيها، فانقَضَتْ مدَّةُ الإجارةِ: فإنَّ صاحِبَها مُخَيَّرٌ بينَ أنْ يَأخُذَ المُستَأجِرُ بالقَلعِ، ولا شَيءَ عليه مِنْ أُجرةِ القَلعِ، أو يُعطيَه قِيمةَ الغِراسِ مَقلوعًا، أو يُبقيَه في الأرضِ، ويَكونا شَريكَيْنِ؛ لأنَّ الإجارةَ تَقتَضي تَسليمَ الأرضِ بعدَ انقِضاءِ المدَّةِ فارِغةً مِنْ تَعلّقِ حَقٍّ لِلمُستَأجِرِ لَها، ويَقِلُّ ما شَغَلَها به، أصْلُه إذا كانَ له فيها مَتاعٌ أو طَعامٌ؛ فإنَّه يُؤمَرُ بقَلعِه، ولأنَّ فائِدةَ حَصر العَقدِ بالمدَّةِ تَقديرُ المَنفَعةِ المُستَوفاةِ بها، وانقِطاعُها فيما بَعدَها، وفي تَبْقِيَةِ الغِراسِ بعدَ المدَّةِ إبطالٌ لِفائِدةِ التَّحديدِ والتَّقديرِ، خِلافًا لِمُوجِبِ العَقدِ.

والشَّجرُ إذا كانَ فيه ثَمرٌ قد أُبِّرَ كانَ بمَنزِلةِ الزَّرعِ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٢٣)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١١٤).
(٢) «الكافي» (١/ ٣٧٨)، و «المعونة» (٢/ ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٠٦)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٢٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٤٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>