للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ لِوَرثَتِه: ما أنا لَكُمْ بصاحِبٍ، وسَبَبُ ذلك الشَّربةُ التي أسقانيها فُلانٌ. ثم ماتَ، فما حُكمُ الإسلامِ في ذلك؟

فَأجابَ: لَا قِصاصَ وَلَا دِيةَ على الطَّبيبِ المَذكورِ بمُجرَّدِ أمْرِه لِلمَريضِ المَذكورِ بشُربِ الدَّواءِ المَذكورِ، واللَّهُ أعلمُ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ فجاءَ في «المُغني» لِابنِ قُدامةَ : مَسألةٌ: (وَلا ضَمانَ على حَجَّامٍ ولا خَتَّانٍ ولا مُتطَبِّبٍ إذا عُرِفَ مِنهم حَذقُ الصَّنعةِ، ولَم تَجنِ أيديهم).

وَجُملَتُه أنَّ هَؤُلاءِ إذا فَعَلوا ما أُمِروا به لَم يَضمَنوا، بشَرطَيْنِ:

أحَدُهما: أنْ يَكونوا ذَوي حَذْقٍ في صِناعَتِهم، ولَهم بها بَصارةٌ ومَعرِفةٌ؛ لأنَّه إذا لَم يكُنْ كذلك لَم يَحِلَّ له مُباشَرةُ القَطعِ، وإذا قَطَعَ مع هذا كانَ فاعِلًا مُحرَّمًا، فيَضمَنُ سَرايَتَه؛ كالقَطعِ ابتِداءً.

والآخَرُ: ألَّا تَجنيَ أيديهم فيَتَجاوَزوا ما يَنبَغي أنْ يُقطَعَ، فإذا وُجِدَ هَذانِ الشَّرطانِ لَم يَضمَنوا؛ لأنَّهم قَطَعوا قَطعًا مَأْذونًا فيه؛ فلَم يَضمَنوا سَرايَتَه؛ كَقَطعِ الإمامِ يَدَ السَّارِقِ، أو فعلَ فِعلًا مُباحًا مَأذونًا في فِعلِه أشبَهَ ما ذَكَرْنا، فأمَّا إنْ كانَ حاذِقًا وجَنَتْ يَده، مثلَ أنْ تَجاوَزَ قَطعَ الخِتانِ إلى الحَشَفةِ أو إلى بَعضِها، أو قَطعَ في غيرِ مَحَلِّ القَطعِ، أو يَقطَعُ السِّلعةَ مِنْ إنسانٍ فيَتَجاوَزُها، أو يَقطَعُ بآلةٍ كَآلةٍ يَكثُرُ ألَمُها، أو في وَقتٍ لا يَصلُحُ القَطعُ فيه، وفي أشباهِ هذا ضَمِنَ فيه كلِّه؛ لأنَّه إتلافٌ لا يَختَلِفُ ضَمانُه بالعَمدِ والخَطَأِ،


(١) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٤/ ٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>