للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ الحَفيدُ : «لَا خِلافَ أنَّه إذا لَم يكُنْ مِنْ أهلِ الطِّبِّ، أنَّه يَضمَنُ؛ لأنَّه مُتعَدٍّ» (١) اه.

وقالَ الحَنفيَّةُ أيضًا: إذا فَصَدَ الفَصَّادُ (٢) بإذْنِ المَفصودِ، أو بَزَغَ (٣) البَزَّاغُ، أي: البَيْطارُ، بإذْنِ ربِّ الدَّابَّةِ، ولَم يَتجاوَزْ المَوضِعَ المُعتادَ فلا ضَمانَ عليه فيما عَطِبَ مِنْ ذلك؛ لأنَّه لا يُمكِنُ الاحتِرازُ عن السِّرايةِ (٤)؛ لأنَّه يُبتَنَى على قُوَّةِ الطِّباعِ وضَعْفِها، ولا يَعرِفُ ذلك بنَفْسِه، فلا يُمكِنُ تَقييدُه بالسَّلامةِ؛ فسقطَ اعتِبارُه، وإنْ تَجاوَزَه ضَمِنَ؛ لأنَّه لَم يُؤذَنْ له في ذلك، وهذا إذا كانَ البَزغُ بإذْنِ صاحِبِ الدَّابَّةِ، أمَّا إذا كانَ بغَيرِ إذْنِه فهو ضامِنٌ، سَواءٌ تَجاوَزَ المَوضِعَ المُعتادَ أو لا.

وَمَنْ أمَرَ خَتَّانًا لِيَختِنَ صَبيًّا، ففعلَ الخَتَّانُ ذلك، فقَطَعَ حَشَفَتَه، وماتَ الصَّبيُّ مِنْ ذلك، فعلى عاقِلةِ الخَتَّانِ نِصفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّ المَوتَ حَصَلَ بفِعلَيْنِ:

أحَدُهما: مَأذونٌ فيه، وهو قَطعُ القُلفةِ.

والآخَرُ: غيرُ مَأذونٍ فيه، وهو قَطعُ الحَشَفةِ، فيَجِبُ نِصفُ الضَّمانِ.

أمَّا إذا بَرِئَ فجُعِلَ قَطعُ الجِلدةِ -وَهو مَأذونٌ فيهِ- كَأنْ لَم يكُنْ، وقَطَعُ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٤١٨).
(٢) الفَصد: شق وريد أو قطع عرق.
(٣) بَزَغ الحاجِمُ والبَيْطارُ، من بَزَغ الشَّيء إذا شقَّه: أي شَرطا، والمِبْزَغ: المِشْرَط.
(٤) يُقال: سَرى الجُرح إلى النَّفس، أي: أثَّر فيها الجُرح حتى هلَكت.

<<  <  ج: ص:  >  >>