للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِجسٌ نَجسٌ، إلا أنَّ المَسفوحَ -وإنْ كانَ أصلُه الجارِي في اللُّغةِ- المَعنى فيه في الشَّريعةِ الكَثيرُ، إذِ القَليلُ لا يَكونُ جاريًا مَسفوحًا، فإذا سقَطَت من الدَّمِ الجارِي نُقطةٌ من ثَوبٍ أو بَدنٍ لم يَكنْ حُكمُها حُكمَ المَسفوحِ الكَثيرِ، وكانَ حُكمُها حُكمَ القَليلِ، ولم يُلتفَتْ إلى أصلِها في اللُّغةِ (١).

وقد نقَلَ الإِجماعَ على نَجاسةِ الدَّمِ عَددٌ كَبيرٌ من أهلِ العِلمِ غيرُ من ذكَرتُهم وعلى رأسِهم الإمامُ أحمدُ بنُ حَنبلٍ .

فقد قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : قالَ أحمدُ: القَيحُ والصَّديدُ والمِدَّةُ عِندي أسهَلُ من الدَّمِ الذي ليسَ فيه شَكٌّ يَعني في نَجاستِه.

وسُئلَ -أي: الإمامُ أحمدُ- القَيحُ والدَّمُ عندَك سَواءٌ؟ فقالَ: الدَّمُ لم يَختلِفِ الناسُ فيه، والقَيحُ قد اختَلفَ الناسُ فيه (٢).

وقالَ ابنُ حَزمٍ : واتَّفَقوا على أنَّ الكَثيرَ من الدَّمِ -أيَّ دَمٍ كانَ- حاشَا دَمَ السَّمكِ وما لا يَسيلُ دَمُه، نَجسٌ (٣).

وقالَ ابنُ العَربيِّ المالِكيُّ : اتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ الدَّمَ حَرامٌ نَجسٌ لا يُؤكلُ ولا يُنتفَعُ به، وقد عيَّنَه اللهُ ههنا مُطلقًا، وعيَّنَه في سُورةِ الأنَّعامِ بالمَسفوحِ وحمَلَ العُلماءُ ههنا المُطلقَ على المُقيدِ إِجماعًا (٤).


(١) «التمهيد» (٢٢/ ٢٣٠)، و «الاستذكار» (١/ ٣٣١).
(٢) «شرح العمدة» (١/ ١٠٥)، و «إغاثة اللهفان» (١/ ١٥١).
(٣) مراتب «الإجماع» ص (١٩)، و «المحلى» (١/ ١٠٢).
(٤) «أحكام القرآن» (١/ ٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>