واختَلفَ النَّاسُ في أطيَبِها، فقالَ قَومٌ: الزِّراعاتُ، وهو عِنْدِي أشبَهُ؛ لأنَّ الإنسانَ فيها مُتوَكِّلٌ على اللهِ ﷾، في عَطائِه، مُستسَلِمٌ لِقَضائِه.
وقالَ آخَرونَ: التِّجارةُ أطيَبُها، وهو أشبَهُ بمَذهبِ الشَّافِعيِّ؛ لِتَصريحِ اللهِ تَعالى بإحلالِه في كِتابِه، بقَولِه ﷾: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، واقتِداءً بالصَّحابةِ ﵃ في اكتِسابِهم بها.
وقالَ آخَرونَ: الصِّناعةُ؛ لِاكتِسابِ الإنسانِ فيها بكَدِّ يَدَيْه. وقَد رُوِيَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«إنَّ مِنْ الذُّنوبِ ما لا يُكفِّرُه صَومٌ ولا صَلاةُ، ولَكِنْ يُكفِّرُه عَرقُ الجَبينِ في طَلَبِ الحِرفةِ».
فَأمَّا الزِّراعةُ فلا مَدخَلَ لَها في تَحريمٍ ولَا كَراهيةٍ، وهذا أوَّلُ شَيءٍ على أنَّها أطيَبُ المَكاسِبِ.