للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكونُ ذَهابُ ما عليها مِنْ سَبَبِها، فسَبيلُه سَبيلُ السُّفُنِ، لا كِراءَ لَهُم؛ لأنَّهم كانوا إنَّما حَمَلوه على البَلاغِ؛ فلا كِراءَ لَهم، وكذلك قالَ مالِكٌ، وسَبيلُهم في الضَّمانِ فيما حَمَلوا سَبيلُ ما حَمَلَ الحَمَّالونَ والبَغَّالونَ مِنْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ. قُلتُ: وهذا قولُ مالِكٍ، قالَ نَعَمْ (١).

وأمَّا الشافِعيَّةُ فعِندَهم قولانِ في هَذا، قالَ الشِّيرازيُّ : إذا استَأجَرَ صانِعًا على عَملٍ مِنْ خِياطةٍ أو صِباغةٍ فعَمِلَ؛ فهَل له أنْ يَحبِسَ العَينَ على الأُجرةِ؟ فيه وَجهانِ:

أحَدُهما: لا يَجوزُ؛ لأنَّه لَم يَرهَنِ العَينَ عِندَه، فلَم يَجُزْ له احتِباسُها، كَما لَوِ استَأجَرَه لِيَحمِلَ له مَتاعًا فحَمَلَه، ثم أرادَ أنْ يَحبِسَ المَتاعَ على الأُجرةِ.

والآخَرُ: يَجوزُ؛ لأنَّ عَملَه ملكَه، فجازَ له حَبْسُه على العِوَضِ؛ كالمَبيعِ في يَدِ البائِعِ (٢).

وقالَ الماوَرديُّ : وليسَ لِمُؤجِّرِ الأرضِ أنْ يَحتَبِسَ الأرضَ على المُستَأجِرِ على دَفْعِ الأُجرةِ، ولا لِلحَمَّالِ أنْ يَحبِسَ ما استُؤجِرَ على حَملِه مِنْ المَتاعِ لِيأخُذَ الأُجرةَ؛ لأنَّه في يَدِه أمانةٌ وليسَ برَهنٍ، فأمَّا الصَّانِعُ المُستَأجَرُ على عَملٍ مِنْ خِياطةٍ أو صِياغةٍ أو صَبْغٍ، هَلْ له احتِباسُ ما بِيَدِه مِنْ العَملِ على أُجرَتِه؟ فيه وَجهانِ:


(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٩٥، ٤٩٧).
(٢) «المهذب» (١/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>