للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستدَلُّوا على ذلك بما رَوت عائِشةُ أيضًا أنَّها قالَت: «كُنْتُ أفرُكُ المَنيَّ من ثَوبِ رَسولِ اللهِ فيُصلِّي فيه» (١)، وليسَ هناك تَعارضٌ بينَ حَديثِ الغَسلِ وحَديثِ الفَركِ؛ لأنَّ الجَمعَ بينَهما واضِحٌ بأنْ يُحملَ الغَسلُ على الاستِحبابِ للتَّنظيفِ لا على الوُجوبِ (٢).

وقالَ الماوَرديُّ: والدِّلالةُ على صِحةِ ما ذكَرنا قَولُه تَعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا﴾ [الفرقان: ٥٤].

فأطلَقَ على المَنيِّ اسمَ الماءِ فوجَبَ أنْ يُطلَقَ عليه حُكمُه في الطَّهارةِ، ولأنَّه أصلُ خَلقِ الإِنسانِ، فوجَبَ أنْ يَكونَ طاهِرًا كالطِّينِ، ولأنَّه مُتولِّدٌ من حَيوانٍ طاهِرٍ فوجَبَ أنْ يَكونَ طاهِرًا كالبَيضِ (٣).

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : رَدًّا على الذين قالوا بنَجاستِه: هذا الحَديثُ لا يَدلُّ على نَجاسةِ المَنيِّ؛ لأنَّ غَسلَها فِعلٌ، وهو لا يَدلُّ على الوُجوبِ بمُجردِه (٤).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : فإنَّه من المَعلومِ أنَّ الصَّحابةَ كانوا يَحتَلِمون على عَهدِ النَّبيِّ وأنَّ المَنيَّ يُصيبُ بَدنَ أحدِهم


(١) رواه مسلم (٢٨٨).
(٢) «فتح الباري» (١/ ٣٩٧).
(٣) «الحاوي الكبير» (٢/ ٢٥١، ٢٥٣).
(٤) «فتح الباري» (١/ ٣٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>