للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الأجيرِ المُشترَكِ ضَمانُ ما تَلِفَ بغَيرِ فِعلِه على قَولِ أبي حَنيفةَ، أمَّا إذا شرطَ شَرطًا يَقتَضيه العَقدُ، كما إذا شرطَ على الأجيرِ المُشترَكِ ضَمانَ ما تَلِفَ بفِعلِه لا يَفسُدُ العَقدُ (١).

وقالَ صاحِبُ «الدُّرُّ»: وفي القِنيةِ: سُئِلَ مُحمَّدٌ نَجمُ الدِّينِ عن صَبيَّةٍ سقطَتْ مِنْ سَطحٍ، فانفَتحَ رَأْسُها، فقالَ كَثيرٌ مِنْ الجَرَّاحينَ: إنْ شَقَقتُم رَأْسَها تَموتُ. وقالَ واحِدٌ مِنهم: إنْ لَم تَشُقُّوهُ اليَومَ تَموتُ، وأنا أشُقُّه وأُبرِئُها، فشَقَّه فماتَتْ بعدَ يَومٍ أو يَومَيْنِ، هَلْ يَضمَنُ؟ فتَأمَّلَ مَلِيًّا ثم قالَ: لا، إذا كانَ الشَّقُّ بإذْنٍ، وكانَ الشَّقُّ مُعتادًا، ولَم يكُنْ فاحِشًا خارِجَ الرَّسمِ (أي: العادةِ). قيلَ لَهُ: فلَو قالَ: إنْ ماتَتْ فأنا ضامِنٌ، هَلْ يَضمَنُ؟ فتَأمَّلَ مَلِيًّا، ثم قالَ: لا. فلَم يُعتبَرْ شَرطُ الضَّمانِ؛ لأنَّ شَرطَه على الأمينِ باطِلٌ، على ما عليه الفَتوَى (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: كلُّ ما كانَ أمانةً لا يَصيرُ مَضمونًا بشَرطِه؛ لأنَّ مُقتَضَى العَقدِ كَونُه أمانةً؛ فإذا شُرِطَ ضَمانُه فقَدِ التَزَم ضَمانَ ما لَم يُوجَدْ سَبَبُ ضَمانِه، فلَم يَلزَمْه، كَما لَوِ اشترَطَ ضَمانَ الوَديعةِ أو ضَمانَ مالٍ في يَدِ مالِكِه.

وَما كانَ مَضمونًا لا يَنتَفي ضَمانُه بشَرطِه؛ لأنَّ مُقتَضَى العَقدِ الضَّمانُ، فإذا شرطَ نَفْيَ ضَمانِه لا يَنتَفي مع وُجودِ سَبَبِه، كَما لَوِ اشترَطَ نَفْيَ ضَمانِ ما يَتعدَّى فيه.


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٤٥)، و «الهندية» (٤/ ٤٤٢).
(٢) «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥٦٧، ٥٦٨)، و «مجمع الضمانات» (١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>