للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلِفَ مِنْ عَملِهِ؛ أمَّا الأولُ فلأنَّ العَينَ أمانةٌ في يَدِهِ؛ لأنَّه قُبِضَ بإذْنِ مالِكِه، فكانَ نائِبًا عن المالِكِ في صَرفِ مَنافِعِه إلى ما أمَرَه به؛ فلَم يَضمَنْ مِنْ غيرِ تَعَدٍّ؛ كالوَكيلِ والشَّريكِ والمُضارِبِ.

وأمَّا الثَّاني فلأنَّ المَنافِعَ متى صارَتْ مَملوكةً لِلمُستَأجِرِ فإذا أمَرَه بالتَصرُّفِ في مِلكِه صَحَّ، ويَصيرُ نائِبًا مَنابَه؛ فيَصيرُ فِعلُه مَنقُولًا إليه كَأنَّه فعلَ بنَفْسِهِ؛ فلِهَذا لا يَضمَنُه.

مثلًا: إذا استَأجَرَ إنسانٌ خيَّاطًا أو حَدَّادًا مدَّةَ يَومٍ أو شَهرٍ لِيَعمَلَ له وَحدَه، فلا يَضمَنُ العَينَ التي تَهلِكُ في يَدِه، ما لَم يَحصُلْ منه تَعَدٍّ أو تَقصيرٌ في حِفظِه، سَواءٌ تَلِفَ الشَّيءُ في يَدِه، أو في أثناءِ عَملِه.

أمَّا ما يُتلَفُ بتَعَدِّيه فيَجِبُ ضَمانُه، مثلَ الخَبَّازِ الذي يُسرِفُ في الوَقودِ، أو يُلَزِّقُه قبلَ وَقتِه، أو يَترُكُه بعدَ وَقتِه، حتى يَحتَرِقَ؛ لأنَّه تَلِفَ بتَعَدِّيه؛ فضَمِنَه، كَغَيرِ الأجيرِ.

وَذَهَبَ ابنُ أبي مُوسَى مِنْ الحَنابِلةِ إلى أنَّه يَضمَنُ ما جَنَتْ يَده، وحَكَى عن أحمدَ رِوايةً بتَضمينِه ما تَلِفَ بأمْرٍ خَفِيٍّ لا يُعلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِه (١).


(١) «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٨٦)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٣٧)، و «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٤٣٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٤٤)، و «اللباب» (١/ ٤٨١)، و «التعريفات» للجرجاني (٣٤)، و «البحر الرائق» (٨/ ٢٣، ٢٤)، و «درر الحكام» (٧/ ١٠٢)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٥٤٧، ٥٤٨)، و «الدر المختار» (٦/ ٦٩، ٧٠)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤١١)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٥٥)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٧٦)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٩٧)، و «المغني» (٥/ ٣٠٦)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٦٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٨٦)، و «المبدع» (٥/ ٨٤)، و «الإنصاف» (٦/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>