للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا أنَّهمُ اختَلفوا فيما إذا شرطَ عليه الضَّمانَ، هَلْ يَفسُدُ العَقدُ بذلك أو يَصحُّ، ويَفسُدُ الشَّرطُ؟

فذهبَ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والحَنابِلةُ في وَجْهٍ إلى أنَّ الإجارةَ تَفسُدُ إذا شُرِطَ عليه الضَّمانُ.

قالَ الحَنفيَّةُ: لا يَصحُّ اشتِراطُ الضَّمانِ على المُستَأجِرِ؛ لأنَّ يَدَه يَد أمانةٍ؛ فلا يُعتبَرُ شَرطُ الضَّمانِ؛ لأنَّ شَرطَه على الأمينِ باطِلٌ على ما عليه الفَتوَى.

وَقالوا: الإجارةُ تُفسِدُها الشُّروطُ التي لا يَقتَضيها العَقدُ، كَما إذا شُرِطَ على الأمينِ الضَّمانُ (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: المُستَأجِرُ أمِينٌ لا ضَمانَ عليه إنِ ادَّعَى الضَّياعَ أوِ التَّلَفَ، كانَ ممَّا يُغابُ عليه أو لا، ويَحلِفُ إنْ كانَ مُتهَمًا: لَقَدْ ضاعَ وما فَرَّطْتُ.

وَلَو شُرِطَ عليه الضَّمانُ فَسَدَ عَقدُ الإجارةِ؛ لأنَّه شَرطٌ يُناقِضُ العَقدَ؛ فإنْ وقعَ فلَه أُجرةُ مِثلِه، زادَتْ على المُسمَّى أو نَقَصَتْ، ومَحَلُّ الفَسادِ إذا لَم يَسقُطِ الشَّرطُ قبلَ الفَسادِ، وإلَّا صَحَّتْ، والفَواتُ هُنا بانقِضاءِ العَملِ، فانقِضاؤُه في أثنائِهِ كَإسقاطِه قَبْلَه في إفادةِ الصِّحَّةِ.


(١) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٤٥)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٤)، و «الهندية» (٤/ ٤٤٢)، و «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٦/ ٥٦٧، ٥٦٨)، و «مجمع الضمانات» (١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>