للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسِ، وقَد قَوَّمَها في العَقدِ بما سَمَّيَا، ويَكونُ ذلك إسقاطًا لِلزِّيادةِ؛ لأنَّها لَو وجبَتِ الزِّيادةُ على المُسمَّى، لَوجبَتْ بلا عَقدٍ، وإنَّها لا تُتَقوَّمُ إلَّا بعَقدٍ، بخِلافِ البَيعِ الفاسِدِ؛ فإنَّ الذي بِيعَ بَيعًا فاسِدًا مَضمونٌ بقِيمَتِه، بالِغًا ما بَلَغَ؛ لأنَّ الضَّمانَ هُناكَ بمُقابَلةِ العَينِ؛ والأعيانُ مُتقَوَّمةٌ بنَفْسِها، فوجبَ كلُّ قِيمَتِها، فإذا بَطَلَ المُسمَّى يَصيرُ كَأنَّها تَلِفَتْ بغَيرِ عَقدٍ؛ وتَجِبُ القِيمةُ (١).

وذَهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ وزُفَرُ مِنْ الحَنفيَّةِ إلى أنَّه يَجِبُ أُجرةُ المِثلِ في الإجارةِ الفاسِدةِ، بالِغةً ما بَلَغتْ، سَواءٌ زادَتْ على المُسمَّى أو نَقَصتْ، وسَواءٌ كانَتِ الأُجرةُ مَعلومةً أو مَجهولةً؛ لأنَّ المَنافِعَ أحَدُ نَوعَيِ المُعاوَضاتِ؛ كالأعيانِ، وقد ثبَتَ أنَّه لوِ ابتاعَ بَيعًا فاسِدًا فأتلَفَه، أنَّ عليه قِيمَتَه، كذلك الإجارةُ، ولأنَّها مَنفَعةٌ استُوفِيَتْ بعَقدٍ فاسِدٍ مَقصودٍ بالمُعاوَضةِ، فوجبَ أنْ يَلزَم أُجرةُ المِثلِ، كما لو كانَتْ أقَلَّ مِنْ المُسمَّى (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢١٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٧٣)، و «اللباب» (١/ ٤٩٥)، و «درر الحكام» (١/ ٤٣٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٤٩).
(٢) «الإشراف» (٣/ ٢١١) رقم (١٠٥٧)، و «المعونة» (٢/ ١٠٩)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٣٤٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٦٩)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٥٤)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٩٤، ٤٩٥)، و «البيان» (٧/ ٣٣٣، ٣٣٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٧٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٩٥)، و «الديباج» (٢/ ٤٩١)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤٣٣)، و «المغني» (٥/ ٢٥٨)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٤٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>