للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ العَينيُّ في «شَرحِ الهِدايةِ» -مُعْزِيًا لِلواقِعاتِ-: ويُمنَعُ القارِئُ لِلدُّنيا، والآخِذُ والمُعطي آثِمانِ.

وقالَ في الاختِيار، ومَجمَعِ الفَتاوَى: وأخْذُ شَيءٍ لِلقُرآنِ لا يَجوزُ؛ لأنَّه كالأُجرةِ.

وقالَ في الوَلوالِجِيَّة: ولَو زَارَ قَبْرَ صَديقٍ أو قَريبٍ لَه، وقَرَأ عِندَه شَيئًا مِنْ القُرآنِ، فهو حَسَنٌ، أمَّا الوَصيَّةُ بذلك فلا مَعنَى لَها، ولا مَعنَى أيضًا لِصِلةِ القارِئِ؛ لأنَّ ذلك يُشبِهُ استِئجارَه على قِراءةِ القُرآنِ، وذلك باطِلٌ، ولَم يَفعَلْ ذلك أحَدٌ مِنْ الخُلَفاءِ. اه.

وَرأيتُ التَّصريحَ ببُطلانِ الوَصيَّةِ بذلك في عِدَّةِ كُتُبٍ، وعُزِيَ في بَعضِ الكُتُبِ إلى مُحيطِ السَّرخَسيِّ، والمُحيطِ البُرهانيِّ، والخُلاصَةِ، والبَزَّازِيَّةِ؛ فإذا كانَتِ الوَصيَّةُ لِلقارِئِ لِأجْلِ قِراءَتِه باطِلةً؛ لأنَّها تُشبِهُ الِاستِئجارَ على التِّلاوةِ، فالإجارةُ الحَقيقيةُ تَكونُ باطِلةً بالأَوْلَى، فهذه نُصوصُ المَذهبِ مِنْ مُتونٍ وشُروحٍ وفَتاوَى مُتفِقةٍ على بُطلانِ الِاستِئجارِ على الطَّاعاتِ، ومِنها التِّلاوةُ، كَما سَمِعتَ، إلَّا ما استَثْناه المُتأخِّرونَ لِلضَّرورةِ؛ كالتَّعليمِ والأذانِ والإمامةِ، ولا يَصحُّ إلحاقُ التِّلاوةِ المُجرَّدةِ بالتَّعليمِ؛ لِعَدَمِ الضَّرورةِ؛ إذْ لا ضَرورةَ داعيةٌ إلى الِاستِئجارِ عليها، بخِلافِ التَّعليمِ؛ لِمَا عندَ الزَّيلَعِيِّ وكَثيرٍ مِنْ الكُتُبِ، لَو لَم يَفتَحْ لَهم بابَ التَّعليمِ بالأجْرِ لَذَهَبَ القُرآنُ، فأفتَوْا بجَوازِه ورَأوْهُ حَسَنًا. اه.

وَلا شَكَّ أنَّ المَنعَ مِنْ الِاستِئجارِ على التِّلاوةِ لِإهداءِ ثَوابِها إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>