. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= حَمَلَ، وهَذا على قِياسِ قَولِه في الخمرِ: لا يَجوزُ إمساكُها، وتَجِبُ إراقَتُها. قالَ في رِوايةِ أبي طالِبٍ: إذا أسلَمَ ولَه خَمرٌ أو خَنازيرُ، تُصبُّ الخمرُ، وتُسَرَّحُ الخَنازيرُ، وقَد حُرِّما عليه، وإنْ قتلَها فلا بأسَ، فقد نصَّ أحمدُ على أنَّه لا يَجوزُ إمساكُها، ولِأنَّه قَدْ نَصَّ في رِوايةِ ابنِ مَنصورٍ على أنَّه يُكرهُ أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَه لنِطارةِ كَرْمٍ لِنَصرانِيٍّ؛ لأنَّ أصلَ ذَلِكَ يَرجعُ إلى الخمرِ، إلَّا أنْ يَعلمَ أنَّه يُباعُ لِغَيرِ الخمرِ، فقَد مُنِعَ مِنْ إجارةِ نَفْسِه على حَمْلِ الخمرِ، وهَذِه طَريقةُ القاضي في تَعليقِه، وعَلَيها أكثَرُ أصحابِه، والمَنصورُ عِندَهمُ الرِّوايةُ المُخرَّجةُ، وهي عَدَمُ الصِّحةِ، وأنَّه لا يَستَحقُّ أُجرةً، ولا يُقضَى لَه بها، وهي مَذهَبُ مالِكٍ والشَّافِعيِّ وأبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ، وهَذا إذا استَأجرَه على حَملِها إلى بَيتِه لِلشُّربِ، أو لِأكْلِ الخِنزيرِ، أو مُطلَقًا، فأمَّا إذا استَأجرَه لحَملِها ليُرِيقَها أو ليَنقُلَ المَيتةَ إلى الصَّحراءِ؛ لِئَلَّا يُتأذَّى بها، فإنَّ الإجارةَ تَجوزُ حِينَئِذٍ؛ لأنَّه عملٌ مُباحٌ، لَكِنْ إنْ كانَتِ الأُجرةُ جِلدَ المَيْتةِ لَمْ تَصحَّ، واستَحقَّ أُجرةَ المِثلِ، وإنْ كانَ قَدْ سلخَ الجِلدَ وأخذَه ردُّه على صاحِبِه، هَذا قَولُ شَيخِنا، وهو مَذهبُ مالِكٍ، والظَّاهرُ أنَّه مَذهبُ الشَّافِعيِّ، وأمَّا مَذهبُ أبي حَنيفَةَ ﵀ فكالرِّوايةِ الأُولَى أنَّه تَصحُّ الإجارةُ، ويُقضَى لَه بالأُجرةِ، ومَأخَذُه في ذَلِكَ أنَّ الحَملَ إذا كانَ مُطلَقًا لَمْ يَكُنِ المُستَحقُّ نَفْسَ حَملِ الخمرِ، فذِكرُه وعَدَمُ ذِكرِه سَواءٌ، ولَه أنْ يَحمِلَ شَيئًا آخَرَ غَيرَه، كَخَلٍّ وزَيتٍ وهكذا، قالَ فيما لَو أجَّرَه دارَه أو حانُوتَه لِيَتَّخِذَها كَنيسةً، أو لِيَبيعَ فيها الخَمرَ، قالَ أبو بكرٍ الرَّازيُّ: لا فرقَ عندَ أبي حَنيفَةَ بينَ أنْ يَشتَرِطَ أنْ يَبيعَ فيها الخمرَ، أو لا يشتَرِطَ، وهو يَعلَمُ أنَّه يَبيعُ فيها الخمرَ، أنَّ الإجارةَ تَصحُّ، لأنَّه لا يَستَحقُّ ليَسكُنَها؛ فإنَّ الأُجرةَ تُستَحقُّ عليه، وإنْ لَمْ يَفعلْ ذَلِكَ، وكَذا يَقولُ فيما إذا استَأجَرَ رَجُلًا لِيَحمِلَ خَمرًا، أو مَيْتةً أو خِنزيرًا أنَّه يَصِحُّ؛ لِأنَّه لا يَتَعَيَّنُ حَمْلُ الخَمرِ، بَلْ لَو حَمَّلَه بَدَلَها عَصيرًا استَحَقَّ الأُجرةَ، فهَذا التَّقييدُ عِندَهم لَغْوٌ؛ فهو بمَنزِلةِ الإجارةِ المُطلَقةِ، والمُطلَقةُ عِندَه جائِزةٌ، وإنْ غَلَبَ على ظَنِّه أنَّ المُستَأجِرَ يَعصي فيها، كَما يَجوزُ بَيعُ العَصيرِ لِمَنْ يَتَّخذُه خمرًا … قالَ شَيخُنا والأشبَهُ طَريقةً ابنُ موسَى، يَعني أنَّه يُقضَى لَه بالأُجرةِ، وإنْ كانَتِ المَنفَعةُ مُحرَّمةً، ولَكِنْ لا يَطيبُ لَه أكلُها، قالَ: فإنَّها =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute