ثم اختَلفوا: هَلْ تَفسُدُ الإجارةُ إنْ جَمَعَهُما، أي: الزَمنَ والعَملَ، على هذا التَّفصيلِ.
إنْ جَمَعَ بينَ الزَمنِ والعَملِ وتَساوَيَا كَ: خِطْ لي هذا الثَّوبَ في هذا اليَومِ بكَذا، وكانَ الشَّأنُ أنَّه يُخاطُ في اليَومِ بتَمامِه، لا في أقَلَّ، ولا أكثَرَ، ففيه خِلافٌ؛ فقيلَ: تَفسُدُ إذا كانَ الزَّمانُ مُساويًا لِلعَملِ، وحَكَى ابن رُشدٍ عليه الِاتِّفاقَ، وذكرَ ابنُ عَبدِ السَّلامِ أنَّه أحَدُ مَشهورَيْنِ.
وَإذا كانَ الزَمنُ أوسَعَ مِنْ العَملِ بأنْ كانَ يُمكِنُ خِياطَتُه في نِصفِ يَومٍ مثلًا، حَكَى ابنُ عَبدِ السَّلامِ فيه الجَوازَ اتِّفاقًا، ويُمنَعُ عندَ ابنِ رُشدٍ، على المَشهورِ.
وأمَّا إذا قالَ لَه: أستَأجِرُكَ على بَيعِ هذا الثَّوبِ في هذا اليَومِ، فإنَّه جائِزٌ اتِّفاقًا، والفَرقُ خِفَّةُ الغَرَرِ في البَيعِ، دونَ الِاستِصناعِ، أي أنَّ تَيَسُّرَ البَيعِ في ذلك الزَمنِ أقوَى مِنْ تَيَسُّرِ الصَّنعةِ في ذلك الزَمنِ.
وإنْ كانَ الزَمنُ أضيَقَ بكَثيرٍ مِنْ العَملِ، بأنْ كانَ لا يَستَطيعُ مثلًا أنْ يَخيطَ الثَّوبَ، إلَّا في أكثَرَ مِنْ يَومٍ، فلا يُختَلفُ في المَنعِ، وهو واضِحُ الفَسادِ.
فعلى القَولِ بأنَّ ذلك لا يَجوزُ، يَكونُ لِلأجيرِ إنْ فاتَتِ الإجارةُ بالعَملِ أُجرةُ مِثلِه بالِغةً ما بَلَغَتْ على تَعجيلِها، أو تَأخيرِها.
فَأمَّا على القَولِ بأنَّ ذلك جائِزٌ، فإنْ فَرَغَ منه في اليَومِ الذي سَمَّى كانَتْ