للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَكونُ ذِكْرُ المَنفَعةِ تَأكيدًا، كَقَولِ البائِعِ: بِعتُكَ عَينَ هذه الدَّارِ ورَقَبَتَها؛ فإنَّ البَيعَ يَصحُّ.

والثَّاني: المَنعُ؛ لأنَّ لَفظَ الإجارةِ وُضِعَ مُضافًا لِلعَينِ؛ لأنَّ المَنفَعةَ لا مَنفَعةَ لَها، فكَيفَ يُضافُ العَقدُ إلَيها؟!

والأصَحُّ مَنْعُ انعِقادِها بقَولِهِ: بِعتُكَ مَنفعَتَها؛ لأنَّ لَفظَ البَيعِ مَوضوعُ تلك الأعيانِ، فلا يُستَعمَلُ في المَنافِعِ، كَما لا يَنعَقِدُ البَيعُ بلَفظِ الإجارةِ، وكَلَفظِ البَيعِ لَفظُ الشِّراءِ.

والثَّاني: يَجوزُ؛ لأنَّها صِنفٌ مِنْ البَيعِ، وهو قولُ ابنِ سُرَيجٍ، وجَزَم به في التَّنبيهِ وصَحَّحَه جَمعٌ مِنْ المُتأخِّرينَ، كالإسنَويِّ، والأذرَعيِّ.

فَإنْ قيلَ: قولُهُ: مَلَّكتُكَ مَنفعَتَها، المَشهورُ فيه القَطعُ بالصِّحَّةِ، فما الفَرقُ بَينَه وبَينَ: بِعتُكَ مَنفعَتَها؟ فالجَوابُ أنَّ التَّمليكَ أعَمُّ؛ لأنَّه يُطلَقُ على بَيعِ الأعيانِ، وبَيعِ المَنافِعِ، إطلاقًا واحِدًا، والبَيعُ عندَ الإطلاقِ يَختَصُّ بالأعيانِ.

هَذا كلُّه في إجارة العَينِ، أمَّا إجارةُ الذِّمةِ فيَكفي فيها: ألزَمتُ ذِمَّتكَ بكَذا، عن لَفظِ الإجارةِ ونَحوِها، كأسلَمتُ إلَيكَ هذه الدَّراهمَ في خِياطةِ هَذا، أو في دَابَّةٍ صِفَتُها كَذا، أو في حَمْلي على مَكَّةَ، فيَقولُ المُخاطَبُ مُتصلًا: قَبِلتُ، أو التَزَمتُ، أو استَأْجَرتُ، أو اكتَريتُ، أو استَكرَيتُ.

وَعُلِمَ مِنْ اشتِراطِ الصِّيغةِ: أنَّه لَو سَكَنَ دارَ رَجُلٍ مدَّةً بإذْنِه، ولَم يَذكُرْ أُجرةً، لَم يكُنْ لِلمالِكِ مُطالَبتُه بها (١).


(١) «نهاية المطلب» (٨/ ٦٨، ٦٩)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥، ٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٧٩، ٣٨٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٠٠، ٣٠١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١٨، ٣١٩)، و «الديباج» (٢/ ٤٥٥، ٤٥٦)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٢٠٨)، و «حاشية قليوبي وعميرة على كنز الراغبين» (٣/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>