وقال الحَنابِلةُ: إنْ تَلِف رأسُ المالِ أو تَلِف بَعضُه بعدَ تَصرُّفِه أو تَعيَّبَ رأسُ المالِ أو خَسِر رأسُ المالِ أو نزَل السِّعرُ بعدَ تَصرُّفِه في رأسِ المالِ جُبِرتِ الوَضيعةُ مِنْ رِبحِ بَقيَّتِه قبلَ قِسمَتِه ناضًّا أو تَنضيضِه مع المُحاسَبةِ؛ لأنَّها مُضاربةٌ واحِدةٌ فلا شَيءَ لِلعامِلِ إلا بَعدَ كَمالِ رأسِ المالِ.
وإنْ تَلِف بَعضُ رأسِ المالِ قبلَ تَصرُّفِ العامِلِ فيه انفَسَخت فيه المُضاربةُ، وكان رأسُ المالِ هو الباقيَ خاصَّةً؛ لأنَّه مالٌ هلَك على جِهتِه قبلَ التَّصرُّفِ أشبَهَ التالِفَ قَبلَ القَبضِ وفارَقَ ما بعدَ التَّصرُّفِ؛ لأنَّه دارَ في التِّجارةِ وشرَع فيما قصَد بالعَقدِ مِنَ التَّصرُّفاتِ المُؤدِّيةِ لِلرِّبحِ.
وإنْ تَلِف المالُ قبلَ التَّصرُّفِ ثم اشتَرى المُضارِبُ سِلعةً في ذِمَّتِه لِلمُضاربةِ فهي له -أي: لِلمُضارِبِ- وثَمنُها عليه، سَواءٌ عَلِم المُضارِبُ تَلَف المالِ قبلَ نَقدِ الثَّمنِ أو جَهِلَه؛ لأنَّه اشتَراها في ذِمَّتِه وليست مِنَ المُضاربةِ؛ لِانفِساخِها بالتَّلفِ، فاختَصَّت به، ولو كانت لِلمُضاربةِ لَكان
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٨، ٧٦٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٥٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٧١، ٢٧٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٨، ٤٣٩).