يَنقُدِ الثَّمَنَ البائِعَ حتى هَلكت الألفُ، فالجاريةُ على المُضاربةِ، ويَرجِعُ على رَبِّ المالِ بالألفِ فيُسلِّمُها إلى البائِعِ، وكذلك إنْ هَلكَت الثانيةُ التي قبَض يَرجعُ بمِثلِها على رَبِّ المالِ، وكذلك سَبيلُ الثالِثةِ والرابِعةِ وما بعدَ ذلك أبدًا حتى يُسلِّمَ إلى البائِعِ، ويَكونَ ما دفَعه أولًا رَبُّ المالِ وما غُرِّمَ كلُّه مِنْ رأسِ المالِ، وإنَّما كان كذلك لأنَّ المُضارِبَ مُتصرِّفٌ لِرَبِّ المالِ فيَرجِعُ بما لَحِقَه مِنَ الضَّمانِ بتَصرُّفِه له، كالوَكيلِ غَيرَ أنَّ الفَرقَ بينَ الوَكيلِ والمُضارِبِ أنَّ الوَكيلَ إذا هلَك الثَّمنُ في يَدِه فرجَع بمِثلِه إلى المُوكِّلِ ثم هلَك الثاني لَم يَرجِعْ على المُوكِّلِ، والمُضارِبُ يَرجِعُ في كلِّ مَرَةٍ، ووَجهُ الفَرقِ أنَّ الوَكالةَ قد انتَهَت بشِراءِ الوَكيلِ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنَ الوَكالةِ بالشِّراءِ استِفادةُ مِلكِ المَبيعِ لا الرِّبحُ؛ فإذا اشتَرى فقد حصَل المَقصودُ فانتَهى عَقدُ الوَكالةِ بانتِهائِه ووَجَب على الوَكيلِ الثَّمنُ لِلبائِعِ؛ فإذا هلَك في يَدِه قَبلَ أنْ يَنقُدَه البائِعُ وَجَب لِلوَكيلِ على المُوكِّلِ مِثلُ ما وَجَب لِلبائِعِ عليه؛ فإذا قبَضه مَرَّةً فقد استَوفى حَقَّه فلا يَجِبُ له عليه شَيءٌ آخَرُ، فأمَّا المُضاربةُ؛ فإنَّها لا تَنتَهي بالشِّراءِ؛ لأنَّ المَقصودَ منها الرِّبحُ ولا يَحصُلُ إلا بالبَيعِ والشِّراءِ مَرَّةً بعدَ أُخرى؛ فإذا بَقيَ العَقدُ كان له أنْ يَرجِعَ ثانيًا وثالِثًا وما غُرِّمَ رَبُّ المالِ مع الأولِ يَصيرُ كلُّه رأسَ المالِ؛ لأنَّه غُرِّمَ لِرَبِّ المالِ بسَبَبِ المُضاربةِ فيَكونُ كلُّه مِنْ مالِ المُضاربةِ، ولأنَّ المَقصودَ مِنْ هذا العَقدِ هو الرِّبحُ، فلو لَم يُعتَبَرْ ما غُرِّمَ رَبُّ المالِ مِنْ رأسِ