للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرضًا»، فالقَولُ قَولُ رِبِّ المالِ؛ لأنَّ الإذنَ مُستفادٌ مِنْ جِهتِه، فالقَولُ قَولُه في بَيانِ صِفتِه، ولأنَّ العاملَ يَزعُمُ أنَّه كان نائِبًا عن رَبِّ المالِ في العَملِ، ورَبُّ المالِ يُنْكِرُ ذلك، فالقَولُ قَولُه، وإنْ أقاما البَيِّنةَ فالبَيِّنةُ بَيِّنةُ رَبِّ المالِ أيضًا؛ لأنَّه يُثبِتُ ببَيِّنتِه سَببَ تَمليكِ المالِ منه بالفَرضِ ووُجوبِ الضَّمانِ دَينًا له في ذِمَّتِه، فكانت بَيِّنتُه أوْلَى بالقَبولِ، ولأنَّه لا تَنافيَ بينَ البَيِّنتَيْن فالقَرضُ يُردُّ على المُضاربةِ فيُجعَلُ كأنَّه دَفعَه إليه مُضاربةً ثم أقرَضه منه، ولا يُمكِنُ أنْ يُجعلَ على عَكسِ هذا؛ لأنَّ المُضاربةَ لا تَرِدُ على القَرضِ، والقَرضَ يَرِدُ على المُضاربةِ.

ولو لَم يَكُنْ عَمِل بالمالِ وضاعَ فالقَولُ قَولُ المُضارِبِ؛ لأنَّ رَبَّ المالِ يَدَّعي عليه سَببَ الضَّمانِ، والمُضارِبَ يُنكِرُ، وتَكونُ البَيِّنةُ بَيِّنةَ رَبِّ المالِ؛ لِإثباتِه الضَّمانَ دَينًا في ذِمَّةِ المُضارِبِ.

ثم الفَرقُ بينَ هذا والأولِ أنَّ في هذا الفَصلِ تَصادَقا على أنَّه قبَضها بإذنِ المالِكِ، وذلك غَيرُ مُوجِبٍ لِلضَّمانِ عليه، فبَقيَت دَعوى رَبِّ المالِ سَببَ الضَّمانِ، وفي الفَصلِ الأولِ عَملُ العامِلِ في مِلكِ الغَيرِ سَببٌ مُوجِبٌ لِلضَّمانِ، وقد ظهَر ذلك، فيَحتاجُ إلى سَبَبٍ مُسقِطٍ لِلضَّمانِ عن نَفْسِه، وهو كَونُه نائِبًا عن المالِكِ في عَملِه في المالِ مُضاربةً، ولا يَثبُتُ هذا المُسقَطُ إلا بالبَيِّنةِ، ولا يُقالُ: تَصادَقا أنَّ عَملَه حصَل بإذنِ رَبِّ المالِ وتَسليطِه، فلا يَكونُ سَببًا لِوُجوبِ الضَّمانِ عليه؛ لأنَّ رَبَّ المالِ يَزعُمُ أنَّه عَمِل لِنَفْسِه في مالِ نَفْسِه؛ فإذا لَم يَثبُتِ المِلكُ له لا يَكونُ هو عامِلًا بإذنِ رَبِّ المالِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>