للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ أقاما البَيِّنةَ فالبَيِّنةُ بَيِّنةُ المُضارِبِ عندَ الحَنفيَّةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ؛ لأنَّها تُثبتُ التَّمليكَ، ولأنَّه لا تَنافيَ بَينَ البَيِّنتَيْن لِجَوازِ أنْ يَكونَ أعطاه بِضاعةً أو مُضاربةً ثم أقرَضَه.

وفي قَولٍ عندَ الحَنابِلةِ إنْ أقامَ كلٌّ منهما بَيِّنةً بدَعواه تَعارَضت البَيِّنتانِ وسَقَطتا ويُقسَّمُ الرِّبحُ بينَهما نِصفَيْن، نَصَّ عليه الإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ؛ لأنَّ الأصلَ بَقاءُ مِلكِ رَبِّ المالِ عليه وتَبعُ الرِّبحِ، لكنْ قد اعتَرَف بنِصفِ الرِّبحِ منه لِلعامِلِ فبَقيَ المُتبقِّي على الأصلِ (١).

وذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى أنَّ القَولَ قَولُ العامِلِ بيَمينِه؛ لأنَّ رِبحَ المالِ هنا مُدَّعًى في الرِّبحِ فلا يُصدَّقُ، ويَكونُ الرِّبحُ جَميعُه لِلعامِلِ وبَدلُ القَرضِ في ذِمَّتِه ولا يُقبَلُ قَولُه في دَفعِ المالِ لِرَبِّه إلا ببَيِّنةٍ مُؤاخَذةٍ له بمُقتَضى دَعواه، ويَترتَّبُ عليه أحكامُ القَرضِ (٢).

قال الشَّرْوانيُّ : واعلَمْ أنَّ هذا مُصوَّرٌ بالاختِلافِ مع بَقاءِ المالِ … فلو كان الاختِلافُ هنا بعدَ التَّلفِ فالآخِذُ مُقِرٌّ بالبَدلِ لِمُنكِرِه كما هو ظاهِرٌ، فلو أقاما بَيِّنتَيْن -أي فيما لو كان المالُ باقِيًا- اتَّجه تَقديمُ بَيِّنةِ الآخِذِ؛ لأنَّ معها زيادةَ عِلمٍ على قياسِ ما تَقدَّم (٣).


(١) «المبسوط» (٢٢/ ٩٣)، و «بدائع الصانع» (٦/ ١١٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٩٣)، و «مجمع الضمانات» (٢/ ٦٦١)، و «المغني» (٥/ ٤٦)، و «المبدع» (٥/ ٣٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦١٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٨٧).
(٢) «التاج والإكليل» (٤/ ٤٣٧)، و «حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١٢)، و «حواشي الشرواني» (٦/ ١٠٥).
(٣) «حواشي الشرواني» (٦/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>