للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ وزُفَرُ مِنَ الحَنفيَّةِ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِرَبِّ المالِ أنْ يَشتريَ مِنَ المالِ الذي في يَدِ العامِلِ لِلقِراضِ لِنَفْسِه؛ لأنَّ المالَ له، فلا يَجوزُ أنْ يَشتريَ منه؛ لأنَّه بَيعُ مالِه بمالِه وشِراءُ مالِه بمالِه، إذِ المالانِ جَميعًا لِرَبِّ المالِ، وهذا لا يَجوزُ، كما لا يَجوزُ أنْ يَشتريَ الوَكيلُ مِنْ وِكيلِه.

وإنِ اشتَرى منه مِنْ غَيرِ مالِ المُضاربةِ جازَ.

وقال الحَنابِلةُ: وليس لِلمُضاربِ أنْ يَشتريَ مِنْ مالِ المُضاربةِ لِنَفْسِه مِنَ المُضاربةِ إذا ظهَر رِبحٌ؛ لأنَّه يَصيرُ شَريكًا فيه؛ فإنْ لَم يَظهَرْ رِبحٌ فالصَّحيحُ عندَ الحَنابِلةِ أنَّه يَصحُّ شِراؤُه مِنْ رَبِّ المالِ أو بإذنِه، كالوَكيلِ.

وعندَ زُفَرَ: لا يَجوزُ بَيعُ رَبِّ المالِ مِنَ المُضارِبِ، ولا بَيعُ المُضارِبِ منه؛ لِانعِدامِ الرِّبحِ؛ لأنَّ الرِّبحَ يَحصُلُ إذا بِيعَ مِنَ الأجنَبيِّ؛ إذِ البَيعُ تَمليكُ مالٍ بمالٍ غَيرِه، وهو يَشتَري مالَه بمالِه ويُرابِحُ مَنْ يُريدُ المُرابَحةَ بلا بَيانٍ، أي: مِنْ غَيرِ بَيانِ أنَّه اشتَراه سَليمًا بكذا مِنَ الثَّمنِ فتَعَيَّب عندَه، أمَّا بَيانُ العَيبِ القائِمِ نَفْسِه به فلا بُدَّ منه لِئلَّا يَكونَ غاشًّا له؛ لِلحَديثِ الصَّحيحِ: «مَنْ غَشَّ فليس مِنَّا» (١).


(١) «بدائع الصانع» (٦/ ١٠١)، و «الجامع الصغير وشرحه النافع الكبير» (١/ ٣٤٧)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ١١١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥٠)، و «البيان» (٧/ ٢٠٧)، و «التهذيب في فقه الإمام الشافِعي» للبغوي (٤/ ٣٩٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٥٢)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٧٥)، و «الديباج» (٢/ ٤٣٥)، و «المبدع» (٥/ ٢٦، ٢٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣٨، ٤٣٩) و «كشاف القناع» (٣/ ٦٠٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>