وقال المالِكيَّةُ: لا يَجوزُ لِعامِلِ القِراضِ أنْ يَدفَعَ المالَ لِعامِلٍ آخَرَ قِراضًا بغَيرِ إذنِ رَبِّ المالِ؛ فإنْ حصَل تَلفٌ أو خُسرٌ فالضَّمانُ مِنَ العامِلِ الأولِ، وإنْ حصَل رِبحٌ فلا شَيءَ لِلعامِلِ الأولِ مِنَ الرِّبحِ؛ وإنَّما الرِّبحُ لِلعامِلِ الثاني، ورَبِّ المالِ؛ لأنَّ القِراضَ جُعلٌ لا يُستحَقُّ إلا بتَمامِ العَملِ، والعامِلَ الأولَ لَم يَعمَلْ، فلا رِبحَ له.
ثم إنْ دخَل العامِلُ الأولُ مع الآخَرِ على مِثلِ ما دخَل عليه الأولُ مع رَبِّ المالِ فظاهِرٌ، وإنْ دخَل معه على أكثَرَ مما دخَل عليه مع رَبِّ المالِ فإنَّ العامِلَ الأولَ يُغرَّمُ لِلعامِلِ الآخَرِ الزِّيادةَ، والرِّبح لِلعامِلِ الآخَرِ مع رَبِّ المالِ، ولا شَيءَ لِلعامِلِ الأولِ مِنَ الرِّبحِ؛ لأنَّ القِراضَ جُعلٌ لا يُستحَقُّ إلا بتَمامِ العَملِ، والعامِلَ الأولَ لَم يَعمَلْ، فلا رِبحَ له.
كما لو جُعِل له الثُّلثُ في الرِّبحِ، فقارَضَ آخَرَ بالنِّصفِ، فالرِّبحُ بينَ رَبِّه والعامِلُ الآخَرُ على الثُّلثِ والثُّلثَيْن، وعلى العامِلِ الأولِ لِلآخَرِ تَمامُ النِّصفِ.
وإنْ دخَل معه على أقلَّ -كالرُّبعِ في المِثالِ- فالزائِدُ لِرَبِّ المالِ لا لِلعامِلِ الأولِ؛ لأنَّه لا شَيءَ له إذا لَم يَحصُلْ رِبحٌ؛ فإنْ لَم يَحصُلْ لِلعامِلِ الآخَرِ رِبحٌ فلا شَيءَ له، ولا يَلزَمُ لِلعامِلِ الأولِ لذلك الآخَرِ شَيءٌ أصلًا، كما هي القاعِدةُ أنَّ العامِلَ لا شَيءَ له إذا لَم يَحصُلْ له رِبحٌ (١).
(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٩٥)، و «شرح مختصر خليل» للخرشي (٦/ ٢١٤، ١٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥١٩، ٥٢٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٠٨).