للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي شُروطٌ فاسِدةٌ؛ لأنَّها تُفوِّتُ المَقصودَ مِنَ المُضاربةِ، وهو الرِّبحُ، أو تَمنعُ الفَسخَ الجائِزَ بحُكمِ الأصلِ (١).

وقال المالِكيَّة: لا يَجوزُ أنْ يَشرُطَ رَبُّ المالِ على العامِلِ أنْ يُتاجِرَ فيما يَقِلُّ وُجودُه -أي: ما يُوجدُ تارةً ويُعدَمُ أُخرى-، بأنْ قال: «لا تَتَّجِرْ إلا في الشَّيءِ الفُلانيِّ»، وكان وُجودُه في بَلدِ القِراضِ قَليلًا؛ فإنْ فعَل وعمِل فسَد القِراضُ، وكان فيه قِراضُ المِثلِ في الرِّبحِ على المَشهورِ، وسَواءٌ خالَف واشتَرى غَيرَه أو اشتَراه، وقيلَ: له أُجرةُ مِثلِه.

وكذا لا يَجوزُ أنْ يُشترَطَ يَدُ رَبِّ المالِ مع العامِلِ في البَيعِ والشِّراءِ والأخْذِ والعَطاءِ مما يَتعلَّقُ بالقِراضِ؛ فإنْ فعَل فسَد القِراضُ؛ لِما فيه مِنَ التَّحجيرِ، ولأنَّه يُوجِبُ زيادةَ جَهالةٍ في العَملِ، ولِلعامِلِ أُجرةُ مِثلِه في ذِمَّةِ رَبِّ المالِ، سَواءٌ حصَل رِبحٌ أو لا، بخِلافِ قِراضِ المِثلِ؛ فإنَّه يَكونُ في الرِّبحِ؛ فإنْ لَم يَحصُلْ له رِبحٌ فلا شَيءَ له.

وكذا لا يَجوزُ اشتِراطُ مُشاورةِ رَبِّ المالِ ومُراجَعتِه في البَيعِ والشِّراءِ، ويَفسُدُ القِراضُ لِما فيه مِنَ التَّحجيرِ عليه والتَّضييقِ، وهو مُخالِفٌ سُنَّةَ القِراضِ، وفيه أُجرةُ المِثلِ؛ لأنَّه لَم يَأتمِنْه على ذلك، فهو حينَئِذٍ شَبيهٌ بالأجيرِ؛ فلِهذا كان له أُجرةُ مِثلِه.

وكذا لا يَجوزُ اشتِراطُ أمينٍ على العامِلِ، أو اشتِراطُ تَعيينِ مَحَلٍّ لِلتَّجْرِ لا يَتعدَّاه لِغَيرِه، كسُوقٍ أو حانوتٍ، أو اشتِراطُ تَعيينِ زَمنٍ له لا يُتاجِرُ في


(١) «المغني» (٥/ ٤٠، ٤١)، و «الإفصاح» (١/ ٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>