للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم يُبيِّن مِقدارَ الرِّبحِ جازَ ذلك، ويَكونُ الرِّبحُ بينَهما نِصفَيْن؛ لأنَّ الشَّركةَ تَقتَضي المُساواةَ، قال اللهُ وعَزَّ شأنُه: ﴿فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ﴾ [النساء: ١٢].

ولو قال على أنَّ لِلمُضاربِ شِركًا في الرِّبحِ جازَ في قَولِ أبي يُوسُفَ وعَبدِ المَلكِ مِنَ المالِكيَّةِ، ويَكونُ الرِّبحُ بينَهما نِصفَيْن.

وقال مُحمدٌ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ: المُضاربةُ فاسِدةٌ.

وَجهُ قَولِ مُحمدٍ أنَّ الشَّركةَ هي النَّصيبُ، قال اللهُ : ﴿أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ﴾ [فاطر: ٤٠]، أي: نَصيبٌ، وقالَ : ﴿وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ﴾ [سبأ: ٢٢]، أي: نَصيبٌ، فقد جعَل له نَصيبًا مِنَ الرِّبحِ، والنَّصيبُ مَجهولٌ، فصارَ الرِّبحُ مَجهولًا.

وَجهُ قَولِ أبي يُوسفَ أنَّ الشِّركَ بمَعنى الشَّركةِ، يُقالُ: «أشرَكتُه في هذا الأمرِ أُشرِكُه شَركةً وشِركًا» قال القائِلُ:

وشَارَكْنَا قُريْشًا في بقَاهَا … وفي أحْسَابِهَا شرْكَ الْعِنانِ

ويُذكَرُ بمَعنى النَّصيبِ أيضًا، لكنْ في الحَملِ على الشَّركةِ تَصحيحٌ لِلعَقدِ فيُحمَلُ عليها.

وقال المالِكيَّةُ: لو قال له: «اعمَلْ ولكَ في الرِّبحِ شِركٌ»، والحالُ أنَّه لا عادةَ بينهما تُعيِّنُ قَدْرَ الجُزءِ في القِراضِ المَقولِ فيه ذلك فسَد القِراضُ، وكان فيه قِراضُ المِثلِ؛ فإنْ كان لَهم عادةٌ تُعينُ إطلاقَ الشِّركِ على النِّصفِ والثُّلثِ مَثلًا عَمِل عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>