بثُبوتِ الدَّينِ، وثُبوتُه إمَّا بالبَيِّنةِ وإمَّا بإقرارِ المُحالِ، وهو هنا بإقرارِه (١).
وقال الشافِعيَّةُ: إنْ تَعذَّرَ أخْذُ الدَّينِ مِنَ المُحالِ عليه بفَلَسٍ طَرَأ بعدَ الحَوالةِ أو بمَوتِه أو جَحدٍ منه لِلدَّينِ أو لِلحَوالةِ وحَلِفٍ ونَحوِ ذلك لَم يَرجِعِ المُحتالُ على المُحيلِ، كما لو أخَذَ عِوَضًا عن الدَّينِ وتلِف في يَدِه.
ولقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ»؛ فإنَّه يَدلُّ بعُمومِه على أنَّه يَتبَعُ أبَدًا، وإنْ ماتَ مُفلِسًا أو جَحَده.
ولأنَّه لمَّا نَدَب المُحتالَ إلى اتِّباعِ المُحالِ عليه بشَرطِ أنْ يَكونَ المُحالُ عليه مَليئًا عُلِمَ أنَّ الحَقَّ يَتحوَّلُ عن المُحيلِ إلى ذِمَّةِ المُحالِ عليه تَحوُّلًا يَمنَعُ المُحتالَ مِنَ الرُّجوعِ إلى المُحيلِ؛ إذْ لو كان له الرُّجوعُ إليه لَم يَكُنْ بفَقدِ هذا الشَّرطِ عليه ضَرَرٌ.
وكذا لا يَرجِعُ المُحالُ على المُحيلِ إنْ كان المُحتالُ عليه مُفلِسًا عندَ الحَوالةِ، وجَهِلَه المُحتالُ؛ لأنَّه مُقصِّرٌ بتَركِ البَحثِ، فأشبَهَ مَنِ اشتَرى شَيئًا هو مَغبونٌ فيه.
وقيلَ: له الرُّجوعُ إنْ شرَط يَسارَه، ليس خِلافَ الشَّرطِ، فأشبَهَ ما لو شرَط العَبدَ كاتِبًا فأخلَفَ.
(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٥٥، ٥٦) رقم (٩١٤، ٩١٥)، و «المنتقى» (٢/ ٦٠٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٠٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٢٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١١٦)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٥٣٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٩، ٢١)، و «القوانين الفقهية» (١/ ٢١٥).