كَفيلًا على المُحالِ عليه لِلمُحالِ له، فإنْ ماتَ المُحالُ عليه فقال المُحتالُ: ماتَ مُفلِسًا، وقال المُحيلُ خِلافَ ذلك فالقَولُ قَولُ المُحتالِ مع يَمينِه على العِلمِ؛ لأنَّه يَتمسَّكُ بالأصلِ وهو العُسرةُ.
والآخَرُ: أنْ يَجحَدَ الحَوالةَ ويَحلِفَ ولا بَيِّنةَ لِلمُحالِ لهُ على الْمُحَالِ عليه بقَبولِ الحَوالةِ.
وقد قال أبو يُوسُفَ ومُحمدٌ بهما، وبثالِثٍ: وهو أنْ يُفلِسَ المُحالُ عليه حالَ حياتِه ويَقضيَ القاضي بإفلاسِه بِناءً على أنَّ القاضيَ يَقضي بالإفلاسِ حالَ حياتِه عندَهما وعِندَه لا يَقضي به.
فإذا حَصَل واحِدٌ مِنْ هذه ثَبَت لِلمُحالِ الرُّجوعُ على المُحيلِ؛ لأنَّ الدَّينَ كان ثابِتًا في ذِمَّةِ المُحيلِ قبلَ الحَوالةِ.
والأصلُ: أنَّ الدَّينَ لا يَسقُطُ إلا بالقَضاءِ، قال النَّبيُّ ﷺ:«الدَّينُ مَقضيٌّ»، إلا أنَّه ألحَقَ الإبراءَ بالقَضاءِ في السُّقوطِ، والحَوالةُ لَيستْ بقَضاءٍ ولا إبراءٍ، فبَقيَ الدَّينُ في ذِمَّتِه على ما كان قبلَ الحَوالةِ إلا أنَّه بالحَوالةِ انتَقَلتِ المُطالَبةُ إلى المُحالِ عليه، لكنْ إلى غايةِ الهَلاكِ؛ لأنَّ حياةَ الدَّينِ بالمُطالَبةِ، فإذا هَلَك لَم تَبقَ وَسيلةٌ إلى الإحياءِ، فعادَتْ إلى مَحَلِّها الأصليِّ (١).
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٨، ١٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٦٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٠، ٣١)، و «الاختيار» (٣/ ٤)، و «اللباب» (١/ ٥٨٦)، و «الهداية» (٣/ ٩٩)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٢٤١، ٢٤٢)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ١٧٢)، و «العناية» (١٠/ ١٨٣، ١٨٤)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٧١، ٢٧٤)، و «درر الحكام» (٧/ ٤٢٦)، و «الدر المختار» (٥/ ٣٤٦)، و «الأوسط» (٥/ ٧٢٩).