للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ مالِكٌ: عرَضتُ كِتابي هذا على سَبعينَ فَقيهًا من فُقهاءِ المَدينةِ، فَكلُّهم واطأَني عليه فسمَّيتُه «الموطأ».

وقالَ الجَلالُ السّيوطيُّ: وما من مُرسَلٍ في «الموطأ» إلا وله عاضِدٌ أو عَواضدُ، فالصَّوابُ أنَّ «الموطأ» صَحيحٌ كلُّه، لا يُستَثنَى منه شيءٌ. اه

وقد صنَّفَ ابنُ عبدِ البَرِّ كِتابًا في وَصلِ ما في «الموطأ» من المُرسَلِ والمُنقطِعِ والمُعضَلِ، قالَ: ما فيه مِنْ قولِه: «بَلغَني»، ومِن قولِه: «عن الثِّقةِ» عندَه ما لَم يُسنِدْه أحدٌ وسِتونَ حَديثًا كلُّها مُسنَدةٌ من غيرِ طريقِ مالِكٍ، إلا أربَعةٌ لا تُعرَفُ.

قالَ الشَّيخُ مُحمَّد حبِيب اللهِ الشِّنقيطِيُّ في كِتابِه «دلِيل السالِك إلى مُوطأ الإمامِ مالِك» عندَ قولِه:

وقَد رَأيتُ بعضَ مُتقِني السُّننْ … مَنْ حازَ في كلِّ العُلومِ خيرَ فَنْ

عَزا إلى نَجلِ الصَّلاح أنْ وَصلْ … أربَعةَ الأَخبارِ فالكلُّ اتَّصلْ

فقد وصَلَ ابنُ الصَّلاحِ الأربَعةَ في تَأليفٍ مُستقِلٍّ.

قالَ الأُستاذُ مُحمَّد فُؤاد عَبد الباقِي: والعَجبُ مِنْ ابنِ الصَّلاحِ كيف يَطلِعُ على اتِّصالِ جَميعِ أَحاديثِ «الموطأ»، حتى إنَّه وصَلَ الأربَعةَ التي اعتَرضَت ابنَ عبدِ البَرِّ بعَدمِ الوُقوفِ على طُرقِ اتِّصالِها، ومعَ هذا لَم يَزلْ مُقدِّمًا للصَّحيحَينِ عليه في الصِّحةِ، معَ أن «الموطأ» هو أَصلُها، وقد انتَهَجا مَنهجَه في سائرِ صَنيعِه، وأَخرَجا أَحاديثَه من طَريقِه.

وغايةُ أَمرِها أنَّ ما فيها من الأَحاديثِ أَزيدُ مما فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>