ووِلايةُ الأبِ والجَدِّ على الصَّغيرِ في نَفْسَيْهما ومالَيْهما ثابِتةٌ لا تَزولُ إلا بثُبوتِ رُشدِ الصَّبيِّ بعدَ بُلوغِه، فإذا بَلَغَ الصَّبيُّ ثم تَبيَّنَ أنَّه مَجنونٌ أو مَعتوهٌ استَمَرَّتْ وِلايةُ الأبِ والجَدِّ بدُونِ انقِطاعٍ (١).
وقال المالِكيَّةُ: الوَليُّ الذي يَنْظُرُ في أمرِ المَحجورِ عليه -صَبيًّا أو سَفيهًا لَم يَطرَأْ عليه السَّفَهُ بعدَ رُشدِه، أو مَجنونًا- هو الأبُ الرَّشيدُ، لا الجَدُّ ولا الأخُ والعَمُّ، إلا بإيصاءٍ مِنَ الأبِ، فغَيرُ الأبِ مِنَ الأقارِبِ لا نَظَرَ له على المَحجورِ عليه إلا بإيصاءٍ مِنَ الأبِ أو الحاكِمِ.
وأمَّا مَنْ طَرَأ عليه السَّفَهُ بعدَ رُشدِه فوَليُّه الحاكِمُ وكذلك المَجنونُ، أي حُكمُه حُكمُ السَّفيهِ إنْ طَرَأ عليه الجُنونُ بعدَ الرُّشدِ فوَليُّه الحاكِمُ وإلا فالأبُ أو وَصيُّه.
ولِلأبِ البَيعُ لِمالِ وَلَدِه المَحجورِ عليه مُطلَقًا، رِيعًا أو غَيرَه، وتَصرُّفُه مَحمولٌ على المَصلَحةِ، فلا يُتعَقَّبُ بحالٍ؛ لأنَّه ممَّن لا تُدرِكُه ظِنَّةٌ في خاصةِ وِلايَتِه عليه، وإنْ لَم يُبيِّنِ السَّبَبَ؛ لأنَّه إذا كان مَحمولًا على وَجْهِ النَّظَرِ لا يَحتاجُ إلى ذِكرِ السَّبَبِ الذي يَقَعُ ذلك لِأجْلِه، وهذا لا يُنافي أنَّه لا بُدَّ مِنْ وُجودِ سَبَبٍ حامِلٍ له على البَيعِ؛ إذْ لا يَحِلُّ لِلأبِ أنْ يَبيعَ بدُونِ سَبَبٍ أصلًا.
ثم يَلي الأبَ -إنْ لَم يَكُنْ مَوجودًا- وَصيُّ الأبِ، وكذلك وَصيُّ وَصيِّه وإنْ بَعُدَ؛ لأنَّه كالوَكيلِ المُفوَّضِ إليه.
(١) «المبسوط» (٢٥/ ٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٩٥، ٣٠٠)، و «حاشية ابن عابدين مع الدر المختار» (٦/ ١٧٤، ١٧٥)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٩٢) (٥/ ١١٠).