للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أطلَقَ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ فقالوا: يَنفَكُّ الحَجْرُ عنه بالإفاقةِ فَقَطْ، ولَم يَذكُروا الرُّشدَ، وإطلاقُ الشافِعيَّةِ يَقتَضي ذلك، كما نَبَّهَ الدَّميريُّ مِنَ الشافِعيَّةِ على ذلك فقال: ويَرتَفِعُ -أي: الحَجْرُ- بالإفاقةِ -أي: بمُجرَّدِها- مِنْ غيرِ فَكٍّ، وهذا لا خِلافَ فيه، واعتبارُ صاحِبِ التَّنبيهِ أنْ يُفيقَ رَشيدًا مَحمولٌ على مَنْ لَم يَبلُغْ رَشيدًا فجُنَّ، أمَّا مَنْ جُنَّ بعدَ رُشدِه فلا (١).

أما أبو حَنيفةَ فعندَه لا يُحجَرُ على السَّفيهِ، فإذا أفاقَ المَجنونُ انفَكَّ الحَجْرُ عنه ودُفِعَ إليه مالُه إنْ بَلَغ خَمسًا وعِشرينَ سَنةً، كما سيأتي في الحَجْرِ على السَّفيهِ والخِلافِ فيه.

أمَّا الحَنابِلةُ فقالوا: ومتى عَقَلَ المَجنونُ ورَشَدَ انفَكَّ الحَجْرُ عنه ودُفِعَ إليه مالُه، ولا يَنفَكُّ قبلَ ذلك بحالٍ، فاشتَرَطوا الرُّشدَ مع الإفاقةِ.

وفصَّل المالِكيَّةُ فقالوا -وهو قَولُ صاحِبِ التَّنبيهِ مِنَ الشافِعيَّةِ كما تَقدَّم-: إذا كان الجُنونُ طارِئًا بعدَ البُلوغِ انفَكَّ الحَجْرُ عنه بإفاقَتِه؛ لأنَّه كان على الرُّشدِ.

وإنْ كان الجُنونُ قبلَ البُلوغِ لا يَنفَكُّ عنه إلا بعدَ إثباتِ الرُّشدِ، وكذا لو كان بَلَغ سَفيهًا ثم جُنَّ لا يَنفَكُّ بالإفاقةِ فَقَطْ (٢).


(١) «النجم الوهاج» (٤/ ٣٩٨).
(٢) المَصادِر السابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>