للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ رُشدٍ : وأمَّا اشتِراطُ البُلوغِ وكَمالِ العَقلِ في ذلك فلأنَّهما جَميعًا مُشتَرَطانِ في صِحَّةِ الرُّشدِ وكَمالِه؛ إذْ لا يَصحُّ رُشدٌ مِنْ صَبيٍّ لِضَعفِ تَمْيِيزِه بوُجوهِ مَنافِعِه، ولا مِنْ مَجنونٍ لِسُقوط تَمْيِيزِه وذَهابِ رَأْيِه، فوَجَب الاحتياطُ لِلأموالِ وقَطعُ مادةِ الضَّرَرِ عنها بأنْ يُمنَعَ مِنَ التَّصرُّفِ فيها مَنْ ليس بأهلِ التَّصرُّفِ فيها، ويُحجَرَ عليه فيها ويُحالَ بَينَه وبَينَها؛ خَشيةَ الإضاعةِ لها؛ امتِثالًا لِأمْرِ اللهِ فيها (١).

وقال ابنُ حَزمٍ : واتَّفَقوا على وُجوبَ الحَجْرِ على مَنْ لَم يَبلُغْ، وعلى مَنْ هو مَجنونٌ مَعتوهٌ أو مُطبِقٌ لا عَقلَ له، وأنَّ كلَّ ما أنفَذَ مَنْ ذَكَرْنا في حالِ فَقْدِ عَقلِه أو قبلَ بُلوغِه مِنْ هِبةٍ أو عِتقٍ أو بَيعٍ أو صَدَقةٍ باطِلٌ (٢).

وقال القُرطبيُّ : فأمَّا الصَّغيرُ والمَجنونُ فلا خِلافَ في الحَجْرِ عليهما (٣).

إلا أنَّ الحَنفيَّةَ قالوا: المَجنونُ إذا كان يُفيقُ ويَعقِلُ في حالِ إفاقَتِه فتَصرُّفُه في حالِ إفاقَتِه جائِزٌ.

وقيلَ: إنْ كان لِإفاقَتِه وَقتٌ مَعلومٌ فعَقَد في ذلك الوَقتِ فالحُكمُ فيه النَّفاذُ كالعاقِلِ، وإنْ لَم يَكُنْ لإفاقَتِه وَقتٌ مَعلومٌ فعَقَد في حالِ الإفاقةِ فالحُكمُ فيه أنَّه مَوقوفٌ على إجازةِ الوَليِّ كالصَّبيِّ.


(١) «المقدمات الممهدات» (٢/ ٣٤٥).
(٢) «مراتب الإجماع» ص (٥٨).
(٣) «تفسير القرطبي» (٥/ ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>