للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَبيعُه لي، أو لِفُلانٍ»، والرَّهنُ على هذه الكَيفيَّةِ صَحيحٌ لَازِمٌ؛ لأنَّه ليس مِنْ شَرطِ صِحَّةِ الرَّهنِ أنْ يَكونَ الدَّينُ لَازمًا قبلَ الرَّهنِ، لكنْ لا يَستمِرُّ لُزومُه إلا إذا حَصَلَ بَيعٌ أو قَرضٌ في المُستَقبَلِ، فإنْ لَم يَحصُلْ كان له أخْذُ رَهنِه (١).

وقال الشافِعيَّةُ: يَصحُّ الرَّهنُ بالثَّمنِ في مُدَّةِ الخيارِ؛ لأنَّه آيِلٌ إلى اللُّزومِ، فإذا باعه دارًا بشَرطِ الخيارِ، وتَسلَّمَها المُشتَري ولَم يَقبِضِ البائِعُ الثَّمَنَ فإنَّ له أنْ يأخُذَ رَهنًا مُقابِلَ ثَمَنِها؛ لأنَّ الثَّمَنَ -وإنْ لَم يَكُنْ دَينًا لَازمًا في الحالِ- لَازِمٌ مآلًا (٢).

وقالوا أيضًا: يُشترَطُ أنْ يَكونَ الدَّيْنُ مَعلومًا للعاقِدَيْنِ عَينًا وقَدْرًا وصِفةً: فلو ثَبَت أنَّ لِلمُرتَهَنِ دَيْنًا في ذِمَّةِ الراهِنِ لكنَّه يَجهَلُ ما هو، أهو ليراتٌ سُوريَّةٌ أم تُركيَّةٌ، أو يَجهَلُ قَدرَها، أهي ألْفٌ أم ألفانِ، فارتَهَنه شَيئًا بها فإنَّ الرَّهنَ لا يَصحُّ، سَواءٌ أعلِمَ العاقِدُ الثاني قَدْرَها وصِفَتَها أم لا، وذلك لِتَعذُّرِ استِيفاءِ هذا الدَّيْنِ المَجهولِ مِنْ ثَمَنِ العَينِ المَرهونةِ إذا بِيعَتْ عندَ عَدَمِ الوَفاءِ (٣).


(١) «تحبير المختصر» (٤/ ٩٧، ٩٨)، و «الإشراف» (٣/ ٢٢، ٢٣) رقم (٨٨٢)، و «روضة المستبين في شرح كتاب التلقين» (٢/ ١٠٩٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٩٦، ٣٩٧)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٤٩)، و «بلغة السالك» (٣/ ٢٠٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٢٧٣، ٢٧٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٥، ٤٧)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٨٥، ٢٨٦)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٠٣، ٣٠٥)، «المغني» (٤/ ٢١٥، ٢١٦)، و «الإفصاح» (١/ ٤١٥).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٤٧)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٢٨٦)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٣٠٥).
(٣) المَصادِر السابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>