للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلراهِنِ: سَلِّمِ العَينَ إلى المُرتَهَنِ وخُذْ منه الأقَلَّ مِنْ قيمةِ الرَّهنِ ومِنَ الدَّينِ؛ لأنَّ المَرهونَ مَضمونٌ بذلك، فإذا وَصَلَ إليه العَينُ يَجبُ عليه رَدُّ قَدْرِ المَضمونِ إلى الراهِنِ، فإنْ هَلَكتِ العَينُ والرَّهنُ قائِمٌ صارَ الرَّهنُ بها رَهنًا بقيمَتِها، حتى لو هَلَك الرَّهنُ بعدَ ذلك هَلَك مَضمونًا بالأقَلِّ مِنْ قيمَتِه وقيمةِ العَينِ؛ لأنَّ قيمةَ العَينِ بَدَلُها، وبَدَلُ الشَّيءِ قائِمٌ مَقامَه، كأنَّه هو.

وأمَّا الذي هو مَضمونٌ بغَيرِه -لا بنَفْسِه- كالمَبيعِ في يَدِ البائِعِ ليس مَضمونًا بنَفْسِه؛ لأنَّه لو هَلَك في يَدِه لا يَضمَنُ شَيئًا، بل هو مَضمونٌ بغَيرِ الثَّمَنِ حتى يَسقُطَ الثَّمنُ المُشتَرى إذا هَلَك فيَجوزُ الرَّهنُ به، وله أنْ يَحبِسَه حتى يَقبِضَ المَبيعَ، وإنْ هَلَك في يَدِه قبلَ القَبضِ هَلَك بالأقَلِّ مِنْ قيمَتِه، ومِن قيمةِ المَبيعِ، ولا يَصيرُ قابِضًا لِلمَبيعِ بهَلاكِه، وله أنْ يَقبِضَ المَبيعَ إذا أوْفى ثَمَنَه، وعليه أيضًا ضَمانُ الأقَلِّ بهَلاكِ الرَّهنِ.

ولو هَلَك المَبيعُ قبلَ القَبضِ والرَّهنُ قائِمٌ بَطَل البَيعُ؛ لأنَّ إهلاكَ المَبيعِ قبلَ القَبضِ يُوجِبُ بُطلانَ المَبيعِ، وعلى المُشتَري أنْ يَرُدَّ الرَّهنَ على البائِعِ.

ولو هَلَك في يَدِه قبلَ الرَّدِّ هَلَك بضَمانِه وهو الأقَلُّ مِنْ قيمَتِه ومِن قيمةِ المَبيعِ للبائِعِ، ولا يَبطُلُ ضَمانُه بهَلاكِ المَبيعِ وبُطلانِ البَيعِ؛ لأنَّه -وإنْ هَلَك المَبيعُ- سَقَط الثَّمنُ بمُقابَلَتِه، فكان بُطلانُه بعِوَضٍ، فلا يَبطُلُ ضَمانُه (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١٤٢، ١٤٣)، و «الهداية» (٤/ ١٣٤)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ٧١، ٧٢)، و «اللباب» (١/ ٤٢٨)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ١٩٣، ١٩٤)، و «خلاصة الدلائل» (٢/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>