للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في الجُملةِ أنَّ يَدَ المُستَعيرِ يَدُ ضَمانٍ، فإذا هَلَكتْ أو بيعَتْ في فَكِّ الرَّهنِ رَجَع المُعيرُ على المُستَعيرِ وضَمَّنَه إيَّاه.

قال المالِكيَّةُ: إنْ وَفَّى المُستَعيرُ دَينَه رَجَع الرَّهنُ لِصاحِبِه المُعيرِ، وإنْ لَم يُوَفِّ وبِيعَ الرَّهنُ في الدَّينِ رَجَع صاحِبُه المُعيرُ على المُستَعيرِ بقيمَتِه يَومَ استَعارَه (١) أو رَجَع المُعيرُ على المُستَعيرِ بما أدى المُستَعيرُ في دَينِه مِنْ ثَمَنِه، أي: ثَمَنِ الشَّيءِ المُعارِ، ف «أَوْ» لِلتَّنويعِ وليستْ لِلتَّخييرِ.

وضمِن المُستَعيرُ -أي: تَعلَّقَ به الضَّمانُ- أي أنَّ لِلمُعيرِ تَضمينَه قيمَتَه ولو لَم يَتلَفْ؛ لِتَعَدِّيه، وله أخْذُه مِنَ المُرتَهَنِ وتَبطُلُ العاريةُ ولو كان مما لا يُغابُ عليه كالعَبدِ، أو قامَتْ على ضياعِه بلا تَفريطٍ بَيِّنةٌ إنْ رَهَنه في غيرِ ما أُذِنَ له فيه، كأنِ استَعارَه لِيَرهَنَه في دَينِ عَينٍ، فرهَنه في عَرضٍ أو طَعامٍ فلرَبِّه أخْذُه إنْ وَجَده قائمًا لَم يَتغيَّرْ في ذاتِه عن المُرتَهَنِ، وإنْ وَجَده قائِمًا فقيمَتُه تَلزَمُ المُستَعيرَ مُطلَقًا، ولو كان مما لا يُغابُ عليه أو هَلَك ببَيِّنةٍ (٢).


(١) وقِيلَ يومَ رَهنِه: وتَظهرُ فائِدةُ الخِلافِ فيما إذا كانَ يومَ الرَّهنِ مُتأخرًا عن يَومِ الاستِعارةِ وكانتِ القِيمةُ يومَ الرَّهنِ أزَيدَ أو أَنقصَ مِنَ القِيمةِ يومَ الاستِعارةِ. «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢١٠)، و «حاشية الدسوقي» (٤/ ٣٨٦).
(٢) «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٧/ ٢١٠)، و «المختصر الفقهي» (٩/ ٤٢٧)، و «الجامع لمسائل المدونة» (١٢٦٢٩)، و «الشرح الكبير» (٤/ ٣٨٦، ٣٨٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٨٩، ٩٠)، و «شرح مختصر خليل» (٥/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>