للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنَسٍ قالَ: أُقيمَت صَلاةُ العِشاءِ فقالَ رَجلٌ: لي حاجةٌ، فقامَ النَّبيُّ : «يُناجيه حتى نامَ القَومُ أو بعضُ القَومِ ثم صَلَّوْا» وفي رِوايةٍ: «حتى نامَ أَصحابُه ثم جاءَ فصَلَّى بهم» رَواهُما مُسلمٌ في صَحيحِه (١).

وعن ابنِ عُمرَ أنَّ رَسولَ اللهِ : «شُغلَ لَيلةً عن العِشاءِ فأخَّرَها حتى رقَدنا في المَسجدِ ثم استَيقَظنا ثم رقَدنا ثم استَيقَظنا ثم خرَجَ علينا» وعن ابنِ عَباسٍ: «أعتَمَ رَسولُ اللهِ لَيلةً بالعِشاءِ حتى رقَدَ الناسُ واستَيقَظوا ورَقَدوا واستَيقَظوا» (٢).

رَوى البُخاريُّ في صَحيحِه هذَين الحَديثَينِ بهذا اللَّفظِ وظاهِرهُما أنَّهم صَلَّوْا بذلك الوُضوءِ.

قالَ النَّوويُّ : ورَوى مالِكٌ والشافِعيُّ بإِسنادٍ صَحيحٍ أنَّ ابنَ عُمرَ : «كانَ يَنامُ وهو جالِسٌ ثم يُصلِّي ولا يَتوضَّأُ» ولأنَّ النائمَ غيرُ المُمكِّنِ يَخرجُ منه الرِّيحُ غالِبًا، فأَقامَ الشَّرعُ هذا الظاهِرَ مَقامَ اليَقينِ، كما أَقامَ شَهادةَ الشاهِدينِ التي تُفيدُ الظَّنَّ مَقامَ اليَقينِ في شَغلِ الذِّمةِ.

وأمَّا عن الحَديثِ الأولِ؛ فإنَّه مَحمولٌ على نَومِ غيرِ المُمكِّنِ وهذا يَتعيَّنُ المَصيرُ إليه للجَمعِ بينَ الأَحاديثِ الصَّحيحةِ.

وقالَ النَّوويُّ: قالَ الشافِعيُّ في «الأُم» والأَصحابُ: لا يَنتقضُ الوُضوءُ بالنُّعاسِ وهو السِّنَةُ، وهذا لا خِلافَ فيه، ودَليلُه من الأَحاديثِ حَديثُ ابنِ


(١)
(٢) رواه البخاري (٥٤٥)، ومسلم (٦٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>