للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في النَّومِ الذي يَستثقِلُ فيه النائِمُ وُجودَ الحَدثِ فيه حُكمَ له بحُكمِ الحَدثِ، هذا في النَّومِ المُعتادِ الذي يَضعُ النائِمُ جَنبَه فيه على الأرضِ ويَكونُ في المُضطجِعِ من غيرِ عِلمٍ منه بما يَكونُ منه، فإذا كانَ جالِسًا أو على حالٍ من أَحوالِ الصَّلاةِ لغيرِ ضَرورةٍ مِثلَ القيامِ والرُّكوعِ والسُّجودِ لم تَنتقِضْ طَهارتُه؛ لأنَّ هذه الأَحوالَ يَكونُ الإِنسانُ فيها مُتحفِّظًا وإنْ كانَ منه حَدثٌ علِمَ به (١).

أمَّا عندَ المالِكيةِ: فالصَّحيحُ عندَهم أنَّ العِبرةَ بصِفةِ النَّومِ لا بهَيئةِ النائِمِ من اضطِجاعٍ أو قيامٍ أو غيرِهما، فمَتى كانَ النَّومُ ثَقيلًا: نقَضَ بكلِّ حالٍ، سَواءٌ أكانَ النائِمُ مُضطجِعًا أم ساجِدًا أم جالِسًا أم قائِمًا، وعَلامةُ النَّومِ الثَّقيلِ: ما لا يَشعرُ صاحِبُه بالأَصواتِ المُرتفِعةِ القَريبةِ منه، أو كانَ بيَدِه شَيءٌ فسقَطَ ولم يَشعُرْ به.

وإنْ كانَ النَّومُ غيرَ ثَقيلٍ بأنْ سمِعَ الأَصواتَ المَرتفِعةَ القَريبةَ منه أو شعَرَ بسُقوطِ ما كانَ بيَدِه أو شعَرَ بسَيلانِ رِيقِه، فلا نَقضَ بحالٍ حينَئذٍ؛ لخِفتِه، وهذه طَريقةُ اللَّخميِّ.

واعتبَرَ بَعضُهم صِفةَ النَّومِ مع الثِّقلِ، وصِفةَ النائِمِ مع النَّومِ غيرِ الثَّقيلِ، فأمَّا النَّومُ الثَّقيلُ فيَجبُ منه الوُضوءُ على أيِّ حالٍ، وعلى أيِّ هَيئةٍ كانَ.

وأمَّا غيرُ الثَّقيلِ فقالوا: يَجبُ الوُضوءُ في الاضطِجاعِ والسُّجودِ، ولا


(١) «أحكام القرآن» (٣/ ٣٢٢، ٣٣٣)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١٢٣، ١٢٧)، و «رد المحتار» (١/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>