وقالَ الشافِعيَّةُ في المَذهبِ وأحمدُ في رِوايةٍ: لا يَصحُّ بَيعُ ما لَم يَرَه المُتعاقِدانِ أو أحَدُهما (١).
قالَ ابنُ رُشدٍ ﵀: المَبيعاتُ على نَوعَينِ: على مَبيعٍ حاضِرٍ مَرئيٍّ، فهذا لا خِلافَ في بَيعِه، ومَبيعٍ غائِبٍ أو مُتعَذَّرِ الرُّؤيةِ، فهُنا اختلَف العُلماءُ، فقالَ قَومٌ: بَيعُ الغائِبِ لا يَجوزُ بحالٍ مِنْ الأحوالِ، لا ما وُصِفَ ولا ما لَم يُوصَفْ.
وهذا أشهَرُ قَولَيِ الشافِعيِّ، وهو المَنصوصُ عندَ أصحابِه، أعني أنَّ بَيعَ الغائِبِ على الصِّفةِ لا يَجوزُ.
وقالَ مالِكٌ وأكثَرُ أهلِ المَدينةِ: يَجوزُ بَيعُ الغائِبِ على الصِّفةِ إذا كانَتْ غَيبَتُه ممَّا يُؤْمَنُ أنْ تَتغيَّرَ فيه قبلَ القَبضِ صِفَتُه.
وقالَ أبو حَنيفةَ: يَجوزُ بَيعُ العَينِ الغائِبةِ مِنْ غيرِ صِفةٍ، ثم له إذا رَآها الخِيارُ؛ فإنْ شاءَ أنفَذَ البَيعَ، وإنْ شاءَ رَدَّه.
وكذلك المَبيعُ على الصِّفةِ مِنْ شَرطِه عندَهم خيارُ الرُّؤيةِ، وإنْ جاءَ على الصِّفةِ، وعندَ مالِكٍ أنَّه إذا جاءَ على الصِّفةِ فهو لازِمٌ، وعندَ الشافِعيِّ لا يَنعقِدُ البَيعُ أصلًا في المَوضِعَيْنِ، وقد قيلَ في المَذهبِ: يَجوزُ بَيعُ الغائِبِ مِنْ غيرِ صِفةٍ على شَرطِ الخيارِ، خيارِ الرُّؤيةِ، وقَع ذلك في المُدوَّنةِ وأنكَرَه عَبدُ الوَهَّابِ، وقالَ: هو مُخالِفٌ لِأُصولِنا.
(١) «التمهيد» (١٣/ ١٤، ١٥)، و «الاستذكار» (٦/ ٤٢٣، ٤٦٧)، و «الكافي» (١/ ٣٢٩).