للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ وشَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنَّ خُروجَ هذه الأشياءِ غيرُ ناقِضٍ للوُضوءِ.

قالَ النَّوويُّ : سَواءٌ قَلَّ ذلك أو كثُرَ، وإنَّما يَلزمُ تَطهيرُ المَوضعِ الذي أصابَتْه النَّجاسةُ الخارِجةُ من سائِرِ البَدنِ، ويَبقَى الوُضوءُ إلا إذا انتُقضَ بسَببٍ آخَرَ؛ ولأنَّ الأصلَ أنَّه لا نَقضَ حتى يَثبُتَ بالشَّرعِ، ولم يَثبُتْ، والقياسُ مُمتنعٌ في هذا البابِ؛ لأنَّ عِلةَ النَّقضِ غيرُ مَعقولةٍ.

قالَ النَّوويُّ: قالَ أبو بَكرِ بنُ المُنذرِ : لا وُضوءَ في شَيءٍ من ذلك؛ لأنَّي لا أعلَمُ مع مَنْ أوجَبَ الوُضوءَ فيه حُجةً.

قالَ النَّوويُّ: هذا كَلامُ ابنِ المُنذرِ الذي لا شَكَّ في إتْقانِه وتَحقيقِه وكَثرةِ اطِّلاعِه على السُّنةِ ومَعرفتِه بالدَّلائلِ الصَّحيحةِ وعَدمِ تَعصُّبِه (١).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : والأظهَرُ أنَّه لا يَجبُ الوُضوءُ من مَسِّ الذَّكرِ ولا النِّساءِ ولا خُروجِ النَّجاساتِ من غيرِ السَّبيلَينِ ولا القَهقهةِ ولا غُسلِ المَيِّتِ؛ فإنَّه ليسَ مع المُوجِبين دَليلٌ صَحيحٌ، بل الأدِلةُ الراجِحةُ تَدلُّ على عَدمِ الوُجوبِ لكنَّ الاستِحبابَ مُتوجَّهٌ ظاهِرٌ؛ فيُستحبُّ أنْ يَتوضَّأَ (٢).

وقالَ في مَوضعٍ آخَرَ: وبهذه الطَّريقةِ يُعلمُ أنَّه لم يُوجِبْ -أي: النَّبيُّ الوُضوءَ مِنْ لَمسِ النِّساءِ ولا مِنْ النَّجاساتِ الخارِجةِ من


(١) «المجموع» (٢/ ٦٥).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٢٥، ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>