للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّفقةِ على البائِعِ قبلَ التَّمامِ؛ لِمَا بيَّنا، ويَملِكُ بعدَه، وخِيارُ الشَّرطِ والرُّؤيةِ مع عَدَمِ القَبضِ يَمنَعُ تَمامَ الصَّفقةِ، وبِالقَبضِ تَتِمُّ الصَّفقةُ، والمُرادُ قَبضُ الجَميعِ حتى لو قبَض أحَدَهما ثم وجَد بأحَدِهما عَيبًا إمَّا أنْ يَرُدَّهما أو يُمسِكَهما؛ والمَكيلُ والمَوزونُ كالشيءِ الواحِدِ، ولا يَملِكَ رَدَّ بَعضٍ دونَ بَعضٍ، لا قبلَ القَبضِ ولا بعدَه؛ لأنَّ تَمييزَ المَعيبِ زيادةٌ في العَيبِ، فكَأنَّه عَيبٌ حادِثٌ، حتى قيلَ: لو كانَ في وِعاءَيْنِ له رَدَّ المَعيبَ مِنهما بعدَ القَبضِ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ.

وكذا لو اشتَرَى زَوجَيْ خُفٍّ أو مِصراعَيْ بابٍ فوجَد بأحَدِهما عَيبًا قبلَ القَبضِ أو بعدَه يَرُدُّهما أو يُمسِكُهما، وكذا كلُّ ما في تَفريقِه ضَرَرٌ، وما لا ضَرَرَ في تَفريقِه -كالثَّوبَيْنِ- إذا وجَد بأحَدِهما عَيبًا، إنْ كانَ قبلَ القَبضِ فليسَ له رَدُّ أحَدِهما؛ لأنَّه تَفريقٌ لِلصَّفقةِ قبلَ تَمامِها، وإنْ كانَ بعدَ القَبضِ يَجوزُ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ في تَفريقِها؛ لأنَّ الصَّفقةَ قد تَمَّتْ بالقَبضِ؛ فجازَ رَدُّ بَعضِها، كما لو اشتَرَى مِنْ اثنَيْنِ، واستِحقاقُ بَعضِها على هذا التَّفصيلِ ما يَضُرُّه التَّبعيضُ فهو عَيبٌ، وما لا فلا (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: مَنْ اشتَرَى شَيئًا فوجَد به عَيبًا يُمكِنُ التَّدليسُ به يَنقُصُ مِنْ الثَّمنِ كَثيرًا فلِلمُشتَري الخيارُ بينَ أنْ يُمسِكَ المَبيعَ ولا شَيءَ له في مُقابَلةِ العَيبِ الذي وجَده به.


(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ٣٥٦)، و «الاختيار» (٢/ ٢٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٥٧، ٥٨)، و «اللباب» (١/ ٣٧١)، و «البحر الرائق» (٦/ ٣٩)، و «الهداية» (٣/ ٣٥)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٥٢)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>