للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَنوي المُتوضِّئُ رَفعَ الحَدثِ، أو استِباحةَ مُفتقرٍ إلى طُهرٍ، كالصَّلاةِ والطَّوافِ ومَسِّ المُصحفِ، أو أداءَ فَرضِ الوُضوءِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ النِّيةَ في الوُضوءِ سُنةٌ، واستدَلُّوا على ذلك بقَولِه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ﴾ [المائدة: ٦]. فأمَرَ بالغَسلِ والمَسحِ مُطلقًا عن شَرطِ النِّيةِ، ولا يَجوزُ تَقييدُ المُطلقِ إلا بدَليلٍ.

والآيةُ تَقضي بجَوازِ الصَّلاةِ بوُجودِ الغَسلِ سَواءٌ قارَنَته النِّيةُ أو لم تُقارِنْه؛ وذلك لأنَّ الغَسلَ اسمٌ شَرعيٌّ مَفهومُ المَعنى في اللُّغةِ، وهو إِمرارُ الماءِ على العُضوِ وليسَ هو عِبارةً عن النِّيةِ؛ فمَن شرَطَ فيه النِّيةَ فهو زائِدٌ في النَّصِّ.

وقَولُه تَعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣].

قالَ الكاسانِيُّ : نُهيَ الجُنبُ عن قُربانِ الصَّلاةِ إذا لم يَكنْ عابِرَ سَبيلٍ إلى غايةِ الاغتِسالِ مُطلقًا عن شَرطِ النِّيةِ، فيَقتَضي انتِهاءَ حُكمِ النَّهيِ عندَ الاغتِسالِ المُطلقِ، وعندَه لا يَنتَهي إلا عندَ اغتِسالٍ مَقرونٍ بالنِّيةِ،


(١) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٥١)، و «تفسير القرطبي» (٣/ ٣٥٧)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٥٧)، و «المجموع» (١/ ٣٧٥)، و «مغني المحتاج» (١/ ١٤٧)، و «كفاية الأخيار» ص (٦٥)، و «المغني» (١/ ١٣٥)، و «كشاف القناع» (١/ ٨٥)، و «منار السبيل» (١/ ٣٤)، و «تفسير ابن كثير» (٢/ ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>