للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدَّليلُ على صِحَّةِ عِلَّتِنا وفَسادِ عِلَّتِه مع ما قَدَّمْنا مِنْ الدَّليلِ مِنْ قَبلِه ثَلاثةُ أشياءَ:

أحَدُها: أنَّ التَّعليلَ بالوَزنِ يُثبِتُ الرِّبا في المَوزونِ مِنْ الصُّفرِ والنُّحاسِ والقُطنِ والكَتَّانِ، ولو ثبَت فيه الرِّبا بعِلَّةِ الوَزنِ كما ثبَت في الذَّهبِ والفِضَّةِ بهذه العِلَّةِ لَوجَب أنْ يَستَويَ حُكمُ مَعمولِه ومَكسورِه في تَحريمِ التَّفاضُلِ فيه، كما استَوَى حُكمُ مَعمولِ الذَّهبِ والفِضَّةِ ومَكسورِه في تَحريمِ التَّفاضُلِ فيه، فلمَّا جَوَّزوا التَّفاضُلَ في مَعمولِ الصُّفرِ والنُّحاسِ دونَ مَكسورِه وتِبْرِه حتى أباحوا بَيعَ طَشتٍ بطَشتَيْنِ، وسَيفٍ بسَيفَيْنِ، ولَم يُجَوِّزوا التَّفاضُلَ في مَعمولِ الفِضَّةِ والذَّهبِ، ومَنَعوا مِنْ بَيعِ خاتَمٍ بخاتَمَيْنِ، وسِوارٍ بسِوارَيْنِ، دَلَّ على افتِراقِهِما في العِلَّةِ واختِلافِهما في الحُكمِ، ولو اتَّفَقا في العِلَّةِ لاستَوَيا في الحُكمِ، فبطَل أنْ يَكونَ الوَزنُ عِلَّةَ الحُكمِ.

والثَّاني: أنَّه لو كانَ الوَزنُ في الذَّهبِ والفِضَّةِ عِلَّةً يثبُتُ بها الرِّبا في مَوزونِ الصُّفرِ والنُّحاسِ لَوجَب أنْ يُمنَعَ مِنْ إسلامِ الذَّهبِ والفِضَّةِ في الصُّفرِ والنُّحاسِ؛ لِاتِّفاقِهما في عِلَّةِ الرِّبا، كما مُنِعَ مِنْ إسلامِ الفِضَّةِ في الذَّهبِ، لِاتِّفاقِهما في عِلَّةِ الرِّبا … فلمَّا جازَ إسلامُ الذَّهبِ والفِضَّةِ مِنْ الصُّفرِ والنُّحاسِ، ولَم يَجُزْ إسلامُ الفِضَّةِ في الذَّهبِ، دَلَّ على افتِراقٍ لِلحُكمِ بينَ الفِضَّةِ والذَّهبِ، وبينَ الصُّفرِ والنُّحاسِ في عِلَّةِ الرِّبا، فبطَل أنْ يَكونَ الوَزنُ عِلَّةَ الرِّبا، وهَذانِ الدَّليلانِ احتَجَّ بهِما الشافِعيُّ في إبطالِ الوَزنِ أنْ يَكونَ عِلَّةَ الرِّبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>