للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا مُسنَّةً إلا أنْ يَعسُرَ علَيكم فتَذبَحوا جَذعةً من الضَّأنِ» أنَّ الجَذعةَ من الضَّأنِ لا تُجزِئُ إلا إذا عجَز عن المُسنَّةِ، قلنا: هذا مما يَجبُ تَأويلُه؛ لأنَّ الأُمةَ مُجمِعةٌ على خِلافِ ظاهرِه كما سبَق؛ فإنَّهم كلَّهم جوَّزوا جَذعَ الضأنِ إلا ما سبَق عن ابنِ عُمرَ والزُّهريِّ وأنَّه لا يُجزِئُ، سَواءٌ قدِر على مُسنَّةٍ أو لا، فيُحملُ هذا الحَديثُ على الأفضلِ والأكملِ، ويَكونُ تَقديرُه: مُستحبٌّ لكم أنْ تَذبَحوا مُسنَّةً، فإنْ عَجزتُم فجَذعةَ ضأنٍ، واللهُ أعلمُ (١).

وقال الإمامُ الطَّحاويُّ : أجمَع فُقهاءُ الأمصارِ على جوازِ الجَذعِ من الضَّأنِ (٢).

وقال الإمامُ ابنُ عَبدِ البرِّ : لا أعلَمُ خِلافًا أنَّ الجَذعَ من المَعزِ ومِن كلِّ شيءٍ يُضحَّى به غيرَ الضأنِ لا يَجوزُ، وإنَّما يَجوزُ من ذلك كلِّه الثَّنيُّ فصاعِدًا، ويَجوزُ الجَذعُ من الضأنِ بالسُّنةِ المَسنونةِ (٣).

وقال أيضًا: وأجمَعوا أنَّه لا يُجزِئُ الجَذعُ من المَعزِ في الهَدايا، ولا في الضَّحايا، لقولِه لأبي بُردةَ: «لم يُجزِ عن أحَدٍ بعدَك» (٤).

والدَّليلُ على أنَّ الجَذعَ من المَعزِ لا يُجزِئُ ما رَواه يَزِيدُ بنُ البَراءِ عن أبيه: خطَب رَسولُ اللَّهِ يومَ النَّحرِ، فقال: «إنَّ أوَّلَ نُسكِكم هذه


(١) «المجموع» (٨/ ٢٨٨، ٢٨٩).
(٢) «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ٧٧)، و «أحكام القرآن» (٤/ ١٣٩).
(٣) «التمهيد» (٢٣/ ١٨٨).
(٤) «الاستذكار» (٤/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>