للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيءٌ؛ لأنَّه فعَله في وقتِه الأصليِّ، وهو ما بعدَ طَوافِ الزِّيارةِ، ولا يَضرُّه إنْ كان قد جامَع لوُقوعِ التَّحلُّلِ بطَوافِ الزِّيارةِ؛ إذِ السَّعيُ ليس برُكنٍ -أي: عندَهم- حتى يَمنعَ التَّحلُّلَ، وإذا صارَ حَلالًا بالطَّوافِ فلا فرقَ بينَ أنْ يَسعى قبلَ الجِماعِ أو بعدَه، غيرَ أنَّه لو كان بمكةَ يَسعى، ولا شيءَ عليه لِما قُلنا، وإنْ كان رجَع إلى أهلِه فعليه دَمٌ لتَركِه السَّعيَ بغيرِ عُذرٍ، وإنْ أرادَ أنْ يَعودَ إلى مكةَ يَعودُ بإحرامٍ جَديدٍ؛ لأنَّ إحرامَه الأولَ قد ارتفَع بطَوافِ الزِّيارةِ؛ لوُقوعِ التَّحلُّلِ به فيَحتاجُ إلى تَجديدِ الإحرامِ، وإذا عادَ وسعَى يَسقطُ عنه الدَّمُ؛ لأنَّه تَدارَك، ذكَره في الأصلِ، وقال: والدَّمُ أَحبَّ إليَّ من الرُّجوعِ؛ لأنَّ فيه مَنفَعةً للفُقراءِ، والنُّقصانُ ليسَ بفاحِشٍ، فصارَ كما إذا طافَ مُحدِثًا ثم رجَع إلى أهلِه (١).

وقال مالكٌ : إذا ترَك السَّعيَ حتى رجَع فإنَّه يَرجعُ فيَسعى، فإنْ كان قد أصابَ النِّساءَ فعليه العُمرةُ والهَديُ، وإنْ لم يَترُكْ إلا شَوطًا واحِدًا عادَ وسعَى (٢).

قال ابنُ عبدِ البرِّ : إنَّما أوجَب مالكٌ في هذه المَسألةِ العُمرةَ والهَديَ ليَكونَ سَعيُه في إحرامٍ صَحيحٍ، لا في إحرامٍ فاسِدٍ بالوَطءِ، وليَكونَ طَوافُه بالبَيتِ في إحرامٍ صَحيحٍ لا في إحرامٍ فاسدٍ، واللهُ أعلمُ (٣).

وقال الشافِعيُّ : مَنْ ترَك السَّعيَ بينَ الصَّفا والمَروةِ في الحَجِّ


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٨٠، ٨١)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٢/ ١٤٥).
(٢) «الموطأ» (١/ ٣٧٤)، و «الاستذكار» (٤/ ٢٢١).
(٣) «التمهيد» (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>